فصل: (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْأَمْرِ بِالْجِنَايَةِ وَمَسَائِلِ الصِّبْيَانِ وَمَا يُنَاسِبُهَا):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْأَمْرِ بِالْجِنَايَةِ وَمَسَائِلِ الصِّبْيَانِ وَمَا يُنَاسِبُهَا):

رَجُلٌ أَمَرَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ بِسَيْفٍ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَلَا تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَقْطَعَ يَدَهُ، أَوْ يَفْقَأَ عَيْنَهُ فَفَعَلَ فَلَا ضَمَانَ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اقْطَعْ يَدَيَّ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي هَذَا الثَّوْبَ، أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فَفَعَلَ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ خَمْسَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ: بِعْتُ دَمِي مِنْكَ بِفَلْسٍ فَقَتَلَهُ يَجِبُ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: اُقْتُلْ ابْنِي، أَوْ اقْطَعْ يَدَ ابْنِي، وَهُوَ صَغِيرٌ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ قَالَ: أَسْتَحْسِنُ فِي ذَلِكَ، وَأُغَرِّمُهُ الدِّيَةَ، وَلَوْ قَالَ: اُقْتُلْ عَبْدِي، أَوْ اقْطَعْ يَدَهُ فَفَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْ أَخِي فَقَتَلَهُ، وَالْآمِرُ وَارِثُهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: أَسْتَحْسِنُ أَنْ آخُذَ الدِّيَةَ مِنْ الْقَاتِلِ، وَلَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَشُجَّهُ فَشَجَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ كَانَ عَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: اُقْتُلْ أَبِي فَقَتَلَهُ فَعَلَى الْقَاتِلِ الدِّيَةُ لِابْنِهِ، وَلَوْ قَالَ: اقْطَعْ يَدَ أَبِي فَقَطَعَهُ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ اُقْتُلْ نَفْسَكَ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ: اجْنِ عَلَيَّ فَرَمَاهُ بِحَجَرٍ فَجَرَحَهُ جَرْحًا يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ، وَيُسَمَّى جَانِيًا، وَلَا يُسَمَّى قَاتِلًا ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي، وَإِنْ جَرَحَهُ جَرْحًا لَا يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهِ فَهَذَا قَاتِلٌ، وَلَا يُسَمَّى جَانِيًا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، وَلَوْ قَالَ: اجْنِ عَلَيَّ فَقَتَلَهُ بِالسَّيْفِ لَمْ أَقْتَصَّ مِنْهُ وَجَعَلْتُ عَلَيْهِ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَمَرَ صَبِيٌّ صَبِيًّا بِقَتْلِ إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَلَا تَرْجِعُ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا يَرْجِعُ مَوْلَى الْعَبْدِ بِمَا دَفَعَ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
رَجُلٌ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَتَلَهُ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَتَرْجِعُ عَاقِلَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ عَبْدًا مَحْجُورًا صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا يُخَيَّرُ مَوْلَاهُ بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ وَأَيًّا مَا اخْتَارَ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ عَلَى الْآمِرِ فِي مَالِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ وَلَوْ أَمَرَ بَالِغٌ بَالِغًا بِذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ أَمَرَ صَبِيًّا بِقَتْلِ دَابَّةِ إنْسَانٍ، أَوْ بِخَرْقِ ثَوْبِهِ، أَوْ بِأَكْلِ طَعَامِهِ فَفَعَلَ فَضَمَانُهُ عَلَى الصَّبِيِّ فِي مَالِهِ، وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْآمِرِ، وَلَوْ أَمَرَ الصَّبِيُّ بَالِغًا بِذَلِكَ فَفَعَلَ لَمْ يَضْمَنْ الصَّبِيُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا مَأْذُونًا أَمَرَ صَبِيًّا بِتَخْرِيقِ ثَوْبِ إنْسَانٍ، أَوْ أَرْسَلَ صَبِيًّا فِي حَاجَتِهِ فَعَطِبَ الصَّبِيُّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: يَضْمَنُ الْآمِرُ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَفَعَلَ لَا يَضْمَنُ الْآمِرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
عَبْدٌ مَأْذُونٌ صَغِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ أَمَرَ عَبْدًا مَحْجُورًا، أَوْ مَأْذُونًا صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا بِقَتْلِ رَجُلٍ فَقَتَلَهُ وَخُيِّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ فِي رَقَبَةِ الْآمِرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ عَبْدًا مَحْجُورًا، وَالْمَأْمُورُ كَذَلِكَ، وَاخْتَارَ مَوْلَى الْقَاتِلِ الدَّفْعَ أَوْ الْفِدَاءَ لَا يَرْجِعُ عَلَى مَوْلَى الْآمِرِ فِي الْحَالِ، وَلَكِنْ يُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ صَغِيرًا هَاهُنَا لَا يُؤَاخَذُ بَعْدَ الْعِتْقِ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ حُرًّا صَغِيرًا وَالْآمِرُ عَبْدًا مَحْجُورًا تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَلَا يَرْجِعُونَ عَلَى مَوْلَى الْعَبْدِ لَا فِي الْحَالِ، وَلَا بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
مُكَاتَبٌ صَغِيرٌ، أَوْ كَبِيرٌ أَمَرَ عَبْدًا مَحْجُورًا، أَوْ مَأْذُونًا صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا بِقَتْلِ رَجُلٍ وَقَتَلَ وَدَفَعَهُ مَوْلَاهُ، أَوْ فَدَاهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ إلَّا عَشَرَةً، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَ لِمَوْلَى الْقَاتِلِ أَنْ يَتَّبِعَ مَوْلَى الْمُكَاتَبِ، وَيُطَالِبَهُ بِبَيْعِهِ، وَإِنْ أُعْتِقَ بَعْدَ مَا عَجَزَ، أَوْ قَبْلَ الْعَجْزِ، فَإِنْ شَاءَ مَوْلَى الْعَبْدِ الْمَدْفُوعِ اتَّبَعَ الْمُعْتِقَ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ عَبْدِهِ، وَمِنْ قِيمَةِ الْمُعْتَقِ، وَإِنْ شَاءَ اتَّبَعَ الْمُعْتِقَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ مُكَاتَبًا صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا، وَالْمَأْمُورُ صَبِيٌّ حُرٌّ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَتَرْجِعُ عَاقِلَتُهُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا حُكْمُ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ، فَإِنْ كَانَ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي بِقِيمَتِهِ لِلْعَاقِلَةِ بَطَلَ حَقُّ الْعَاقِلَةِ عَنْ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ كَانَ عَجَزَ بَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ لِلْعَاقِلَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بَطَلَ حَقُّهُمْ عَنْهُ فِي الْحَالِ، وَتَأَخَّرَ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَبْطُلُ وَيُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَأَدَّى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَمَا أَدَّى يُسَلَّمُ لِعَاقِلَةِ الْقَاتِلِ، وَمَا لَمْ يُؤَدِّ بَطَلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَعِنْدَهُمْ لَا يَبْطُلُ لَكِنْ يُبَاعُ بِمَا بَقِيَ مِنْ دِيَتِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُمْ الْمَوْلَى كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ الْعَجْزِ وَبَعْدَ مَا قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَعَاقِلَةُ الْقَاتِلِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لَا غَيْرُ، وَيَرْجِعُونَ بِالْبَاقِي عَلَى الْمُعْتَقِ، وَإِنْ شَاءُوا ضَمَّنُوا الْعَبْدَ، وَمَا ذُكِرَ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوا الْمَوْلَى، أَوْ الْعَبْدَ قَوْلُهُمَا فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فَلَيْسَ لَهُمْ تَضْمِينُ الْمَوْلَى؛ إذْ لَيْسَ لَهُمْ تَضْمِينُ الْعَبْدِ لِلْحَالِ فَالْمَوْلَى مَا أَعْتَقَ عَبْدًا مَدْيُونًا فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ، وَلَوْ لَمْ يَعْجِزْ، وَلَكِنَّهُ أَدَّى فَعَتَقَ، وَكَانَ قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ، أَوْ بَعْدَ الْقَضَاءِ فَالْعَاقِلَةُ يَرْجِعُونَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ حَالَّةً إلَّا أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ بِحَسَبِ أَدَائِهِمْ، وَهُمْ يُؤَدُّونَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَيَرْجِعُونَ فِي السَّنَةِ الْأُولَى بِثُلُثِ الْقِيمَةِ، وَفِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ بِثُلُثٍ آخَرَ، وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ بِثُلُثٍ آخَرَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ وَالْمَأْمُور مُكَاتَبَيْنِ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْآمِرِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
رَجُلٌ أَمَرَ آخَرَ أَنْ يَضْرِبَ عَبْدَهُ سَوْطًا فَضَرَبَهُ سَوْطًا وَشَجَّهُ مُوضِحَةً، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَدْ بَطَلَ نِصْفُ الْجِنَايَةِ فِي النَّفْسِ، وَيَلْزَمُ الْجَانِيَ النِّصْفُ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.
رَجُلٌ لَهُ عَبْدٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَضْرِبَهُ سَوْطًا فَضَرَبَهُ سَوْطَيْنِ وَضَرَبَهُ الْمَوْلَى سَوْطًا ثُمَّ ضَرَبَهُ أَجْنَبِيٌّ سَوْطًا آخَرَ ثُمَّ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَأْمُورِ أَرْشُ السَّوْطِ الثَّانِي مَضْرُوبًا سَوْطًا، وَسُدُسُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا أَرْبَعَةَ أَسْوَاطٍ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَرْشُ السَّوْطِ الرَّابِعِ مَضْرُوبًا ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ، وَثُلُثُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا بِأَرْبَعَةِ أَسْوَاطٍ، وَيَبْطُلُ مَا سِوَى ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمَأْمُورُ ضَرَبَهُ ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَأْمُورِ أَرْشَ السَّوْطِ الثَّالِثِ أَيْضًا، وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَرْشُ السَّوْطِ الْخَامِسِ مَضْرُوبًا أَرْبَعَةَ أَسْوَاطٍ وَثُلُثُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا خَمْسَةَ أَسْوَاطٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَمَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَنْ يَضْرِبَهُ سَوْطًا فَضَرَبَهُ سَوْطًا ثُمَّ ضَرَبَهُ سَوْطَيْنِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الضَّارِبُ ثُمَّ ضَرَبَهُ سَوْطًا آخَرَ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى الضَّارِبِ نِصْفُ أَرْشِ الثَّانِي مَضْرُوبًا سَوْطًا فِي مَالِهِ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا إنْ كَانَ مُوسِرًا لِشَرِيكِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، وَعَلَيْهِ أَرْشُ السَّوْطِ الثَّالِثِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ فِي مَالِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ يَسْتَوْفِي مِنْهُ الْمُعْتِقُ نِصْفَ الْقِيمَةِ الَّتِي أَحَالَ الشَّرِيكُ، وَمَا بَقِيَ لِوَرَثَةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ لَمْ يَرِثْ الْمُعْتِقُ مِنْ ذَلِكَ، وَوَرِثَهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ مِنْ عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَعَلَى الضَّارِبِ نِصْفُ أَرْشِ السَّوْطِ الثَّانِي مَضْرُوبًا سَوْطًا فِي مَالِهِ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ أَرْشُ السَّوْطِ الثَّالِثِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ يَأْخُذُ الْمَوْلَى الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ مِنْ ذَلِكَ نِصْفَ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَنِصْفُهُ لِلْمَوْلَى الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ، وَنِصْفُهُ لِعَصَبَةِ الْمُعْتِقِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ.
عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: اضْرِبْهُ سَوْطًا، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُ ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى الضَّارِبِ نِصْفُ أَرْشِ السَّوْطِ الثَّانِي مَضْرُوبًا سَوْطًا فِي مَالِهِ، وَعَلَى الْمُعْتِقِ إنْ كَانَ مُوسِرًا لِشَرِيكِهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، وَعَلَى الضَّارِبِ أَرْشُ السَّوْطِ الثَّالِثِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا ثَلَاثَةَ أَسْوَاطٍ، وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَيَسْتَوْفِيهَا أَوْلِيَاءُ الْعَبْدِ، وَيَأْخُذُ الْمُعْتِقُ مِنْ ذَلِكَ مَا غَرِمَ، وَيَكُونُ الْبَاقِي لِوَرَثَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ فَلِلْحَالِفِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الضَّارِبِ الضَّمَانُ كَمَا وَصَفْنَا كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ إلَّا أَرْشَ السَّوْطِ الثَّالِثِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَيَكُونُ نِصْفُهُ فِي مَالِهِ وَنِصْفُهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَيَأْخُذُ الضَّارِبُ مِنْ ذَلِكَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَلِوَرَثَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، فَنِصْفُهُ لِلْمَوْلَى الْمُعْتِقِ، وَنِصْفُهُ لِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الضَّارِبِ مِنْ الْعَصَبَةِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ثُمَّ ضَرَبَهُ الْآمِرُ سَوْطًا ثُمَّ ضَرَبَهُ الْأَجْنَبِيُّ سَوْطًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ فَعَلَى الْمَأْمُورِ نِصْفُ أَرْشِ السَّوْطِ الثَّانِي مَضْرُوبًا سَوْطًا فِي مَالِهِ لِشَرِيكِهِ.
وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمَأْمُورِ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا أَرْشُ السَّوْطِ الثَّالِثِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ وَسُدُسُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا خَمْسَةَ أَسْوَاطٍ، وَعَلَى الْآمِرِ أَرْشُ السَّوْطِ الرَّابِعِ مَضْرُوبًا ثَلَاثَةَ أَسَوَاطٍ، وَثُلُثُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا خَمْسَةَ أَسَوَاطٍ فِي مَالِهِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَرْشُ السَّوْطِ الْخَامِسِ مَضْرُوبًا أَرْبَعَةَ أَسَوَاطٍ وَثُلُثُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا خَمْسَةَ أَسَوَاطٍ، وَيَكُونُ مَا أَخَذَ مِنْ عَاقِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ، وَمِنْ الْآمِرِ، وَمِنْ الْمَأْمُورِ لِلْعَبْدِ.
وَيَأْخُذُ الْمَأْمُورُ مِنْ الْآمِرِ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، وَيَرْجِعُ الْآمِرُ بِذَلِكَ فِي مَالِ الْعَبْدِ، وَمَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَلِعَصَبَةِ الْمَوْلَى الْآمِرِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ عَصَبَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْآمِرُ مُعْسِرًا فَعَلَى الْمَأْمُورِ نِصْفُ أَرْشِ السَّوْطِ الثَّانِي فِي مَالِهِ، وَأَرْشُ السَّوْطِ الثَّالِثِ، وَسُدُسُ قِيمَتِهِ مَضْرُوبًا خَمْسَةَ أَسَوَاطٍ نِصْفُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَنِصْفُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَعَلَى الْآمِرِ مَا قَدْ وَصَفْنَا إذَا كَانَ مُوسِرًا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ مَا قَدْ وَصَفْنَا، وَيَأْخُذُ الْمَأْمُورُ مِنْ ذَلِكَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ مَضْرُوبًا سَوْطَيْنِ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ مِيرَاثٌ لِعَصَبَةِ الْمَوْلَيَيْنِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.
فِي الْعُيُونِ إذَا قَالَ لِرَجُلَيْنِ: اضْرِبَا مَمْلُوكِي هَذَا مِائَةَ سَوْطٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَضْرِبَ الْمِائَةَ كُلَّهَا، وَإِنْ ضَرَبَهُ أَحَدُهُمَا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، وَضَرَبَهُ الْآخَرُ سَوْطًا وَاحِدًا فَفِي الْقِيَاسِ يَضْمَنُ ضَارِبُ الْأَكْثَرِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ أَعْطَى صَبِيًّا سِلَاحًا لِيُمْسِكَهُ فَعَطِبَ الصَّبِيُّ بِذَلِكَ تَجِبُ دِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُعْطِي وَلَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ: أَمْسِكْهُ لِي الْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَضْمَنُ أَيْضًا، وَلَوْ دَفَعَ السِّلَاحَ إلَى الصَّبِيِّ فَقَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهُ لَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ: عَطِبَ الصَّبِيُّ أَنَّ الصَّبِيَّ قَتَلَ نَفْسَهُ فَإِنَّ هُنَاكَ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُعْطِي إنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ عَلَى بَعْضِ بَدَنِهِ وَعَطِبَ بِهِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ قَالَ لِصَبِيٍّ مَحْجُورٍ: اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، وَانْفُضْ لِي ثِمَارَهَا فَصَعِدَ الصَّبِيُّ، وَسَقَطَ وَهَلَكَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْآمِرِ دِيَةُ الصَّبِيِّ وَكَذَا لَوْ أَمَرَهُ بِحَمْلِ شَيْءٍ، أَوْ كَسْرِ حَطَبٍ، وَلَوْ قَالَ لِصَبِيٍّ: اصْعَدْ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، وَانْفُضْ الثِّمَارَ، وَلَمْ يَقُلْ لِي فَفَعَلَ الصَّبِيُّ ذَلِكَ، وَعَطِبَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ قَالَ: اُنْفُضْ لِي الثَّمَرَ، أَوْ قَالَ: اُنْفُضْ وَلَمْ يَقُلْ لِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ: ارْتَقِ هَذِهِ الشَّجَرَةَ، وَانْفُضْ الثَّمَرَ لِتَأْكُلَهُ أَنْتَ فَفَعَلَ وَسَقَطَ فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ قَالَ: حَتَّى آكُلَهُ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ضَمِنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَمَرَ عَبْدَ الْغَيْرِ بِكَسْرِ الْحَطَبِ، أَوْ بِعَمَلٍ آخَرَ ضَمِنَ مَا تَوَلَّدَ مِنْهُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
رَجُلٌ حَمَلَ صَبِيًّا عَلَى دَابَّةٍ، وَقَالَ لَهُ: أَمْسِكْهَا لِي، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُ سَبِيلٌ فَسَقَطَ عَنْ الدَّابَّةِ وَمَاتَ كَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ دِيَتُهُ سَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مِمَّنْ يَرْكَبُ مِثْلُهُ، أَوْ لَا يَرْكَبُ، وَإِنْ سَيَّرَ الصَّبِيُّ الدَّابَّةَ فَأَوْطَأَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ، وَالصَّبِيُّ مُسْتَمْسِكٌ عَلَيْهَا فَدِيَةُ الْقَتِيلِ تَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ، وَلَا شَيْءَ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مِمَّنْ لَا يَسِيرُ عَلَى الدَّابَّةِ لِصِغَرٍ، وَلَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَدَمُ الْقَتِيلِ هَدَرٌ، وَإِنْ سَقَطَ عَنْ الدَّابَّةِ، وَالدَّابَّةُ تَسِيرُ فَمَاتَ الصَّبِيُّ كَانَتْ دِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الَّذِي حَمَلَهُ عَلَى كُلُّ حَالٍ سَوَاءٌ سَقَطَ بَعْدَ مَا سَارَتْ الدَّابَّةُ، أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ، أَوْ لَا يَسْتَمْسِكُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا حَمَلَ الرَّجُلَ مَعَ الصَّبِيِّ عَلَى الدَّابَّةِ، وَمِثْلُهُ لَا يَضْرِبُ، وَلَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَوَطِئَتْ الدَّابَّةُ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ خَاصَّةً، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَوْ كَانَ الصَّبِيُّ يَضْرِبُ الدَّابَّةَ، وَيَسِيرُ عَلَيْهَا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا جَمِيعًا، وَيَرْجِعُ عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ عَلَى عَاقِلَةِ الرَّجُلِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ لِلسَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا حَمَلَ صَبِيًّا حُرًّا عَلَى دَابَّةٍ فَوَقَعَ الصَّبِيُّ مِنْهَا وَمَاتَ فَدِيَةُ الصَّبِيِّ تَكُونُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يَدْفَعُهُ الْمُوَلَّى بِهَا، أَوْ يَفْدِي، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ مَعَ الصَّبِيِّ عَلَى الدَّابَّةِ فَسَارَا عَلَيْهَا فَوَطِئَتْ الدَّابَّةُ إنْسَانًا، وَمَاتَ فَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَفِي عُنُقِ الْعَبْدِ نِصْفُهَا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا حَمَلَ الْحُرُّ الْكَبِيرُ الْعَبْدَ الصَّغِيرَ عَلَى الدَّابَّةِ، وَمِثْلُهُ يَضْرِبُهَا وَيَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا ثُمَّ أَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا فَأَوْطَأَ إنْسَانًا فَذَلِكَ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يَدْفَعُهُ بِهِ مَوْلَاهُ، أَوْ يَفْدِيهِ، وَيَرْجِعُ مَوْلَاهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الْأَرْشِ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ حَمَلَهُ عَلَيْهَا، وَهُوَ لَا يَضْرِبُ الدَّابَّةَ، وَلَا يَسْتَمْسِكُ عَلَيْهَا فَسَارَتْ الدَّابَّةُ فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً حَيْثُ أَوْقَفَهَا لَمْ يَصِرْ جَانِيًا حَتَّى لَوْ ضَرَبَتْ رَجُلًا بِيَدِهَا، أَوْ رِجْلِهَا، أَوْ كَدَمَتْهُ لَا شَيْءَ عَلَى الصَّبِيِّ فِيهِ، وَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَوْقَفَهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَوْقَفَهَا فِي مِلْكِهِ، فَحِينَئِذٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ رَأَى صَبِيًّا عَلَى حَائِطٍ، أَوْ شَجَرَةٍ فَصَاحَ بِهِ الرَّجُلُ، وَقَالَ: لَا تَقَعْ فَوَقَعَ الصَّبِيُّ وَمَاتَ لَا يَضْمَنُ الرَّجُلُ الْقَائِلُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: قَعْ فَوَقَعَ الصَّبِيُّ وَمَاتَ يَضْمَنُ الْقَائِلُ دِيَتَهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
صَبِيٌّ فِي يَدِ أَبِيهِ فَجَذَبَهُ إنْسَانٌ مِنْ يَدِهِ، وَالْأَبُ مُسْتَمْسِكٌ حَتَّى مَاتَ فَدِيَةُ الصَّبِيِّ عَلَى الْجَاذِبِ، وَيَرِثُ مِنْهُ الْأَبُ وَلَوْ جَذَبَا حَتَّى مَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمَا، وَلَا يَرِثُ الْأَبُ كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
صَبِيٌّ مَاتَ فِي الْمَاءِ أَوْ سَقَطَ مِنْ السَّطْحِ فَمَاتَ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَحْفَظُ نَفْسَهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْأَبَوَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَحْفَظُ نَفْسَهُ فَعَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ إنْ كَانَ فِي حِجْرِهِمَا، وَإِنْ كَانَ فِي حِجْرِ أَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ هَكَذَا عَنْ نُصَيْرٍ، وَعَنْ أَبِي الْقَاسِمِ فِي الْوَالِدَيْنِ إذَا لَمْ يُتَعَاهَدْ الصَّبِيُّ حَتَّى سَقَطَ مِنْ سَطْحٍ وَمَاتَ، أَوْ احْتَرَقَ بِالنَّارِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا إلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ، وَاخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا، وَلَا عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَسْقُطَ مِنْ يَدِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا اخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْأُمُّ إذَا تَرَكَتْ الصَّبِيَّ عِنْدَ الْأَبِ وَذَهَبَتْ، وَالصَّبِيُّ يَقْبَلُ ثَدْيَ غَيْرِهَا فَلَمْ يَأْخُذْ الْأَبُ لِلصَّبِيِّ ظِئْرًا حَتَّى مَاتَ جُوعًا فَالْأَبُ آثِمٌ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَالتَّوْبَةُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْبَلُ ثَدْيَ غَيْرِهَا، وَهِيَ تَعْلَمُ بِذَلِكَ فَالْإِثْمُ عَلَيْهَا فَهِيَ الَّتِي ضَيَّعَتْهُ، وَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ حَكَاهُ عَنْ نُصَيْرٍ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلِفَةً كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ حُمَّتْ، وَكَانَتْ جَالِسَةً إلَى جَنْبِ النَّارِ فَخَرَجَتْ الْأُمُّ بَعْدَ خُرُوجِ الْأَبِ إلَى بَعْضِ الْجِيرَانِ فَاحْتَرَقَتْ الصَّبِيَّةُ، فَمَاتَتْ لَا دِيَةَ عَلَى الْأُمِّ لَكِنْ إذَا كَانَ لَهَا مَالٌ يُعْجِبُنِي أَنْ تُعْتِقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً، وَإِلَّا صَامَتْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَتَكُونَ عَلَى تَأَسُّفٍ وَنَدَامَةٍ وَاسْتِغْفَارٍ لَعَلَّ اللَّهَ يَعْفُو عَنْهَا، وَهَذَا اسْتِحْبَابٌ وَالْكَلَامُ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ مَا مَرَّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي الْأَصْلِ إذَا غَصَبَ الرَّجُلُ صَبِيًّا حُرًّا، وَذَهَبَ بِهِ فَمَاتَ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ مَاتَ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ وَالتَّحَفُّظُ عَنْهُ بِأَنْ أَصَابَتْهُ حُمَّى، وَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ وَالتَّحَفُّظُ عَنْهُ بِأَنْ قُتِلَ، أَوْ أَصَابَهُ حَجَرٌ، أَوْ سَقَطَ عَلَيْهِ حَائِطٌ، أَوْ نَزَلَتْ صَاعِقَةٌ مِنْ السَّمَاءِ فَأَصَابَتْهُ فَقَتَلَتْهُ، أَوْ نَهَشَتْهُ حَيَّةٌ، أَوْ أَكَلَهُ سَبُعٌ، أَوْ تَرَدَّى مِنْ حَائِطٍ، أَوْ جَبَلٍ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ الصَّبِيُّ نَفْسَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَاصِبِ، وَفِي الْعَبْدِ يَضْمَنُ مَاتَ بِأَمْرٍ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، أَوْ بِأَمْرٍ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ غَصَبَ صَبِيًّا وَقَرَّبَهُ إلَى الْمَهَالِكِ فَهَلَكَ كَانَ عَلَيْهِ دِيَتُهُ إنْ كَانَ حُرًّا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا قَتَلَ الصَّبِيُّ الْمَغْصُوبُ رَجُلًا لَمْ يَكُنْ عَلَى الَّذِي اغْتَصَبَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَإِذَا أَوْدَعَ صَبِيٌّ عَبْدًا فَقَتَلَهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْقِيمَةُ، وَإِنْ أَوُدِعَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَضْمَنْ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَعَلَى هَذَا إذَا أَوْدَعَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ مَالًا فَاسْتَهْلَكَهُ لَا يُؤَاخَذُ بِالضَّمَانِ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْإِقْرَاضُ وَالْإِعَارَةُ وَالْبَيْعُ وَالتَّسْلِيمُ فِي الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ، وَالْخِلَافُ فِي الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ فِي الصَّحِيحِ حَتَّى يَضْمَنَ غَيْرُ الْعَاقِلِ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ مَالًا مِنْ غَيْرِ إيدَاعٍ ضَمِنَ كَذَا فِي الْكَافِي.
الْأَبُ إذَا ضَرَبَ الِابْنَ فِي أَدَبٍ، أَوْ الْوَصِيُّ ضَرَبَ الْيَتِيمَ فَمَاتَ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَإِنْ ضَرَبَهُ الْمُعَلِّمُ إنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ.
زَوْجٌ ضَرَبَ زَوْجَتَهُ فِي أَدَبٍ فَمَاتَتْ ضَمِنَ، وَعَلَى الْأَبِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ، وَعَلَى الْمُؤَدِّبِ الْكَفَّارَةُ دُونَ الدِّيَةِ، وَعَلَى الزَّوْجِ الْكَفَّارَةُ وَالدِّيَةُ جَمِيعًا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
وَالْوَالِدَةُ إذَا ضَرَبَتْ وَلَدَهَا الصَّغِيرَ لِلتَّأْدِيبِ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَدْ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا بَعْضُهُمْ قَالُوا: لَا تَضْمَنُ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا: هِيَ ضَامِنَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ ضَرَبَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ فِي تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَضْمَنُ الْوَالِدُ دِيَتَهُ، وَلَا يَرِثُهُ قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: يَرِثُ الْوَالِدُ، وَلَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
الْحَجَّامُ، أَوْ الْفَصَّادُ أَوْ الْبَزَّاغُ، أَوْ الْخَتَّانُ إذَا حَجَمَ، أَوْ فَصَدَ أَوْ بَزَغَ، أَوْ خَتَنَ بِإِذْنِ صَاحِبِهِ فَسَرَى إلَى النَّفْسِ وَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ الْبَزَّاغُ، أَوْ الْفَصَّادُ، أَوْ الْحَجَّامُ إذَا بَزَغَ، أَوْ فَصَدَ، أَوْ حَجَمَ وَكَانَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى فِي الْعَبْدِ، أَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ فِي الصَّبِيِّ وَسَرَى إلَى النَّفْسِ، وَمَاتَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، وَكَذَلِكَ الْخَتَّانُ فِي هَذَا فَهَؤُلَاءِ لَا يَضْمَنُونَ السِّرَايَةَ بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَوْ أَنَّ خَتَّانًا خَتَنَ صَبِيًّا بِأَمْرِ وَالِدِهِ فَجَرَتْ الْحَدِيدَةُ فَقَطَعَتْ الْحَشَفَةَ فَمَاتَ الصَّبِيُّ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْخَتَّانِ نِصْفُ الدِّيَةِ، وَإِنْ عَاشَ الصَّبِيُّ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْخَتَّانِ كَمَالُ الدِّيَةِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا قُطِعَتْ الْحَشَفَةُ وَمَاتَ أَنَّهُ يَجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- ذَكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ وَذُكِرَ فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ إنْ مَاتَ، وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي جِنَايَاتِ الْعَتَاقِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي الْجَنِينِ):

إذَا ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ حَامِلٍ مُسْلِمَةٍ، أَوْ كَافِرَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا حُرًّا ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الْغُرَّةُ وَهِيَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ فَرَسٌ قِيمَتُهُ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَيَكُونُ مَوْرُوثًا عَنْ الْوَلَدِ وَلَوْ كَانَ الضَّارِبُ وَارِثًا لَمْ يَرِثْ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَإِنْ أَلْقَتْ مَيِّتَيْنِ فَغُرَّتَانِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَالْجَنِينُ الَّذِي قَدْ اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ كَالظُّفْرِ وَالشَّعْرِ بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ التَّامِّ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ خَرَجَ الْجَنِينُ بَعْدَ الضَّرْبَةِ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَالْكَفَّارَةُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إنْ أَلْقَتْ مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ بِقَتْلِ الْأُمِّ وَغُرَّةٌ بِإِلْقَائِهَا، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ مِنْ الضَّرْبَةِ ثُمَّ خَرَجَ الْجَنِينُ بَعْدَ ذَلِكَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فِي الْأُمِّ وَدِيَةٌ فِي الْجَنِينِ، وَإِنْ مَاتَتْ ثُمَّ أَلْقَتْ مَيِّتًا فَعَلَيْهِ دِيَةٌ فِي الْأُمِّ، وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَإِذَا خَرَجَ رَأْسُ الْوَلَدِ وَصَاحَ فَجَاءَ رَجُلٌ وَذَبَحَهُ فَعَلَيْهِ الْغُرَّةُ؛ لِأَنَّهُ جَنِينٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَةٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَيِّتٌ، وَالْآخَرُ حَيٌّ فَمَاتَ الْحَيُّ بَعْدَ الِانْفِصَالِ مِنْ ذَلِكَ الضَّرْبِ عَلَى الضَّارِبِ فِي الْمَيِّتِ مِنْهُمَا الْغُرَّةُ، وَفِي الْحَيِّ الدِّيَةُ كَامِلَةً كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ ضَرَبَ بَطْنَ امْرَأَتِهِ فَأَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ أَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمُّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِلرَّجُلِ الضَّارِبِ بَنُونَ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ وَلَيْسَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ غَيْرُ هَذَا الَّذِي وَلَدَتْ عِنْدَ الضَّرْبَةِ، وَلَهَا إخْوَةٌ مِنْ أَبِيهَا وَأُمِّهَا فَعَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ دِيَةُ الْوَلَدِ الَّذِي وَقَعَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ تَرِثُ مِنْ ذَلِكَ أُمُّهُ السُّدُسَ، وَمَا بَقِيَ فَلِإِخْوَةِ هَذَا الْوَلَدِ مِنْ أَبِيهِ، وَعَلَى الْأَبِ كَفَّارَتَانِ كَفَّارَةٌ فِي الْوَلَدِ الْوَاقِعِ حَيًّا، وَكَفَّارَةٌ فِي أُمِّهِ، وَأَمَّا الْوَلَدُ الَّذِي سَقَطَ مَيِّتًا، فَإِنَّ فِيهِ غُرَّةً عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ خَمْسَمِائَةٍ، وَيَكُونُ لِلْأُمِّ مِنْ ذَلِكَ السُّدُسُ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِلْوَلَدِ الَّذِي وَقَعَ حَيًّا؛ لِأَنَّ الْغُرَّةَ إنَّمَا وَجَبَتْ بِالضَّرْبَةِ، وَهُوَ حَيٌّ حِينَئِذٍ، وَتَرِثُ الْأُمُّ مِنْ ذَلِكَ السُّدُسَ أَيْضًا، وَيَصِيرُ مَا وَرِثَتْهُ الْأُمُّ مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ لِإِخْوَتِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا جَنِينَانِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِهَا وَخَرَجَ الْآخَرُ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَهُمَا مَيِّتَانِ فَفِي الَّذِي خَرَجَ قَبْلَ مَوْتِهَا خَمْسُمِائَةٍ، وَلَيْسَ فِي الَّذِي خَرَجَ بَعْدَ مَوْتِهَا شَيْءٌ ثُمَّ الَّذِي خَرَجَ قَبْلَ مَوْتِهَا مَيِّتًا لَا يَرِثُ مِنْ دِيَةِ أُمِّهِ، وَلَهَا مِيرَاثُهَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي خَرَجَ بَعْدَ مَوْتِهَا خَرَجَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ وَلَهُ مِيرَاثُهُ مِنْ دِيَةِ أُمِّهِ، وَمِمَّا وَرِثَتْ أُمُّهُ مِنْ أَخِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَخِيهِ أَبٌ حَيٌّ فَلَهُ مِيرَاثُهُ مِنْ أَخِيهِ أَيْضًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ، وَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا وَالْأُمُّ حَيَّةٌ يُنْظَرُ إنْ كَانَ هَذَا الْحَمْلُ حُرًّا، بِأَنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْمَوْلَى تَجِبُ الْغُرَّةُ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ كَانَ الْجَنِينُ رَقِيقًا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْهَيْئَةِ وَاللَّوْنِ الَّتِي انْفَصَلَ لَوْ كَانَ حَيًّا ثُمَّ إذَا ظَهَرَ قِيمَتُهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ ذَكَرًا يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى يَجِبُ عَلَيْهِ عُشْرُ قِيمَتِهَا وَلَوْ ضَاعَ الْجَنِينُ، وَلَمْ يُمَكَّنَا تَقْوِيمَهُ بِاعْتِبَارِ لَوْنِهِ وَهَيْئَتِهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ حَيٌّ، وَوَقَعَ التَّنَازُعُ فِي قِيمَتِهِ بَيْنَ الضَّارِبِ وَمَوْلَى الْأَمَةِ الْمَضْرُوبَةِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الضَّارِبِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَا وَجَبَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ فَهُوَ فِي مَالِ الضَّارِبِ يُؤْخَذُ مِنْهُ حَالًّا فِي سَاعَتِهِ رَوَاهُ الْحَسَنُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَمَا وَجَبَ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ فَهُوَ عَلَى عَاقِلَةِ الضَّارِبِ إلَى سَنَةٍ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
وَفِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ، وَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، وَمَاتَتْ الْأُمُّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: عَلَى الضَّارِبِ قِيمَةُ الْأُمِّ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الذَّخِيرَة وَإِنْ ضَرَبَ بَطْنَ أَمَةٍ فَأَعْتَقَ الْمَوْلَى مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ أَلْقَتْ جَنِينًا حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَفِيهِ قِيمَتُهُ حَيًّا، وَلَا تَجِبُ الدِّيَةُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْعِتْقِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا بَاعَ الْأَمَةَ بَعْدَ الضَّرْبِ ثُمَّ أَلْقَتْهُ فَالْغُرَّةُ لِلْبَائِعِ، وَإِذَا كَانَ الْأَبُ عَبْدًا وَقْتَ الضَّرْبِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ خَرَجَ الْجَنِينُ فَلَا شَيْءَ لِلْأَبِ؛ إذْ الْمُعْتَبَرُ حَالُ الْجَنِينِ وَقْتَ الضَّرْبِ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي نَوَادِرِ بِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رَجُلٌ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ ثُمَّ ضَرَبَ رَجُلٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، وَلَهُ أَبٌ حُرٌّ فَعَلَى الضَّارِبِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ، وَذَلِكَ الْغُرَّةُ، وَهِيَ لِلْأَبِ دُونَ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا عَتَقَ أَبُو الْجَنِينِ، أَوْ أُمُّهُ قَبْلَ الضَّرْبِ فَهُوَ أَحَقُّ مِنْ الْمَوْلَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- رَجُلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ الْحُبْلَى: أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي بَطْنِكَ حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ فَضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَيْنِ مَيِّتَيْنِ: غُلَامٌ وَجَارِيَةٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: عَلَى الْجَانِي فِي الْغُلَامِ نِصْفُ غُرَّةٍ، وَذَلِكَ نِصْفُ خَمْسِمِائَةٍ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا فِي الْغُلَامِ رُبُعُ عُشْرِ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، وَعَلَيْهِ فِي الْجَارِيَةِ نِصْفُ خَمْسِمِائَةٍ، وَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْمَرْأَةُ إذَا ضَرَبَتْ بَطْنَ نَفْسِهَا، أَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً لِتَطْرَحَ الْوَلَدَ مُتَعَمِّدَةً، أَوْ عَالَجَتْ فَرْجَهَا حَتَّى سَقَطَ الْوَلَدُ ضَمِنَ عَاقِلَتُهَا الْغُرَّةَ إنْ فَعَلَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ، وَإِنْ فَعَلَتْ بِإِذْنِهِ لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي الْكَافِي.
امْرَأَةٌ شَرِبَتْ دَوَاءً، وَلَمْ تَتَعَمَّدْ بِهِ إسْقَاطَ الْوَلَدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ عَنْ مُخْتَلِعَةٍ، وَهِيَ حَامِلٌ احْتَالَتْ لِإِسْقَاطِ الْعِدَّةِ بِإِسْقَاطِ الْوَلَدِ قَالَ: إنْ أَسْقَطَتْ بِفِعْلِهَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا غُرَّةٌ، وَيَكُونُ ذَلِكَ لِلزَّوْجِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً بِأَلْفٍ وَوَطِئَهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ ضَرَبَتْ بَطْنَهَا مُتَعَمِّدَةً، أَوْ شَرِبَتْ دَوَاءً لِتَطْرَحَ الْوَلَدَ فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ الْجَارِيَةُ فَالْقَاضِي يَقْضِي لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْجَارِيَةِ وَبِعُقْرِهَا، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ: إنَّ أَمَتَكَ قَتَلَتْ وَلَدَهَا، وَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ وَلَدُ الْمَغْرُورِ، وَالْجَنِينُ الْحُرُّ مَضْمُونٌ بِالْغُرَّةِ، فَإِذَا دَفَعَ بِهَا، أَوْ فَدَى يُقَالُ لِلْمُشْتَرِي: لَمَّا أَخَذْتَ الْغُرَّةَ، فَقَدْ سُلِّمَ لَكَ شَيْءٌ مِنْ بَدَلِ الْوَلَدِ، وَلَوْ سُلِّمَ لَكَ الْوَلَدُ أَوْ قِيمَتُهُ الدِّيَةَ بِأَنْ كَانَ حَيًّا لَزِمَكَ الْقِيمَةُ بِتَمَامِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ، فَإِذَا سُلِّمَتْ لَكَ الْغُرَّةُ، وَهِيَ خَمْسُمِائَةٍ وَجَبَ أَنْ تَغْرَمَ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَالْوَلَدُ الْحُرُّ قِيمَتُهُ عَشَرَةُ آلَافٍ إنْ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ خَمْسَةُ آلَافٍ إنْ كَانَ أُنْثَى وَخَمْسُمِائَةٍ مِنْ دِيَةِ الْغُلَامِ نِصْفُ عُشْرِهَا مِنْ دِيَةِ الْأُنْثَى عُشْرُهَا فَتَغْرَمُ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَالْمُسْتَحِقُّ إذَا دَفَعَ، أَوْ فَدَى يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ إنْ شَاءَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ فَالْبَائِعُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا غَرِمَ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ بِحُكْمِ الْغُرُورِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً حَامِلًا فَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ ضَرَبَ إنْسَانٌ بَطْنَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَمَةَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَاتَّبَعَ الْجَانِيَ بِأَرْشِ الْجَنِينِ أَرْشٍ حُرٍّ، وَيَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ فِي الْأَمَةِ، وَلَزِمَهُ الْوَلَدُ بِحِصَّتِهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْجَنِينِ أَبٌ حُرٌّ، أَوْ وَارِثٌ آخَرُ مُقَدَّمٌ عَلَى مَوْلَى الْعَتَاقَةِ فَأَرْشُ الْجَنِينِ لَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَلَا شَيْءَ لِلْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
ضَرَبَ رَجُلٌ بَطْنَ حَامِلٍ بِسِكِّينٍ فَأَصَابَ يَدَ الْوَلَدِ فِي بَطْنِهَا فَقَطَعَهَا ثُمَّ وَلَدَتْهُ حَيًّا فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي جِنَايَةِ الْحَائِطِ وَالْجَنَاحِ وَالْكَنِيفِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُحْدِثُهُ الْإِنْسَانُ فِي الطَّرِيقِ، وَمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ):

يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ الْحَائِطَ الْمَائِلَ إنْ بَنَاهُ صَاحِبُهُ مَائِلًا فِي الِابْتِدَاءِ ثُمَّ سَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ أَوْ أَتْلَفَ مَالَ إنْسَانٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ إلَيْهِ بِالنَّقْضِ، أَوْ لَمْ يَتَقَدَّمْ، وَإِنْ كَانَ بَنَاهُ غَيْرَ مَائِلٍ ثُمَّ مَالَ بِمُرُورِ الزَّمَانِ ثُمَّ سَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ، أَوْ سَقَطَ عَلَى مَالٍ فَأَتْلَفَهُ هَلْ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ؟ إنْ سَقَطَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ بِالنَّقْضِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ- رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى- وَأَمَّا إذَا سَقَطَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ إلَيْهِ بِالنَّقْضِ، وَتَمَكَّنَ مِنْ النَّقْضِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَنْقُضْ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَضْمَنَ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَضْمَنُ هَكَذَا فِي الذَّخِيرَةِ ثُمَّ مَا تَلِفَ بِهِ مِنْ النُّفُوسِ تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ، وَمَا تَلِفَ بِهِ مِنْ الْأَمْوَالِ فَضَمَانُهُ عَلَيْهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَالتَّقَدُّمُ إلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فِي الْحَائِطِ تَقَدُّمٌ فِي نَقْضِهِ حَتَّى لَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ، وَعَثَرَ بِنَقْضِهِ فَمَاتَ فَدِيَتُهُ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَرَوَى أَصْحَابُ الْأَمَالِي عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى رَجُلٍ وَقَتَلَهُ، أَوْ عَثَرَ رَجُلٌ بِنَقْضِ الْحَائِطِ وَمَاتَ ثُمَّ عَثَرَ رَجُلٌ بِالْقَتِيلِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ الْحَائِطِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْحَائِطُ جَنَاحٌ أَخْرَجَهُ إلَى الطَّرِيقِ، فَوَقَعَ عَلَى الطَّرِيقِ فَعَثَرَ إنْسَانٌ بِنَقْضِهِ، وَمَاتَ وَعَثَرَ رَجُلٌ بِالْقَتِيلِ، وَمَاتَ أَيْضًا فَدِيَةُ الْقَتِيلَيْنِ جَمِيعًا عَلَى صَاحِبِ الْجَنَاحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالتَّقَدُّمُ إلَيْهِ صَحِيحٌ عِنْدَ السُّلْطَانِ، وَعِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَتَفْسِيرُ التَّقَدُّمِ أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْحَقِّ لِصَاحِبِ الْحَائِطِ إنَّ حَائِطَكَ مَخُوفٌ أَوْ يَقُولَ مَائِلٌ فَانْقُضْهُ حَتَّى لَا يَسْقُطَ وَلَا يُتْلِفَ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قِيلَ لَهُ: إنَّ حَائِطَكَ مَائِلٌ يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَهْدِمَهُ كَانَ ذَلِكَ مَشُورَةً، وَلَا يَكُونُ طَلَبًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالشَّرْطُ الطَّلَبُ، وَالْإِشْهَادُ لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى لَوْ طَلَبَ بِالتَّفْرِيغِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ، وَلَمْ يُفَرِّغْ مَعَ التَّمَكُّنِ حَتَّى سَقَطَ وَتَلِفَ بِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ يُقِرُّ بِالطَّلَبِ ضَمِنَ وَفَائِدَةُ الْإِشْهَادِ: إمْكَانُ إثْبَاتِ الطَّلَبِ عِنْدَ الْجُحُودِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ شَهِدَ بِالطَّلَبِ رَجُلَانِ، أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ تَثْبُتُ الْمُطَالَبَةُ وَتَثْبُتُ أَيْضًا بِكِتَابِ الْقَاضِي إلَى الْقَاضِي، وَإِذَا أُشْهِدَ عَلَى الْحَائِطِ الْمَائِلِ عَبْدَانِ، أَوْ كَافِرَانِ، أَوْ صَبِيَّانِ ثُمَّ أُعْتِقَ الْعَبْدَانِ، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرَانِ أَوْ بَلَغَ الصَّبِيَّانِ، ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ، فَأَصَابَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ، وَكَذَا لَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ الْمَائِلُ قَبْلَ عِتْقِ الْعَبْدَيْنِ وَإِسْلَامِ الْكَافِرَيْنِ وَبُلُوغِ الصَّبِيَّيْنِ ثُمَّ شَهِدَا جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ، وَلَا يَصِحُّ الْإِشْهَادُ قَبْلَ أَنْ يُهَيِّئَ لِانْعِدَامِ التَّعَدِّي كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّقَدُّمِ وَالطَّلَبِ أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ إلَى مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّفْرِيغِ حَتَّى لَوْ تَقَدَّمَ إلَى مَنْ سَكَنَ الدَّارَ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ فَلَمْ يَنْقَضَّ الْحَائِطُ حَتَّى سَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيُشْتَرَطُ دَوَامُ تِلْكَ الْوِلَايَةِ إلَى وَقْتِ السُّقُوطِ حَتَّى لَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنْ أَشْهَدَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ شِرَائِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ جُنَّ جُنُونًا مُطْبَقًا بَعْدَ الْإِشْهَادِ، أَوْ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقُضِيَ بِلِحَاقِهِ فَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ، أَوْ عَادَ الْمُرْتَدُّ مُسْلِمًا فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الدَّارُ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ هَدَرًا، وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الدَّارَ بَعْدَ مَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ، أَوْ غَيْرِهِ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ، أَوْ بِخِيَارِ شَرْطٍ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا لَا يَجِبُ الضَّمَانُ إلَّا بِإِشْهَادٍ مُسْتَقْبَلٍ بَعْدَ الرَّدِّ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، فَإِنْ نَقَضَ الْبَيْعَ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ ضَامِنًا هَكَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا تَقَدَّمَ إلَى الْمُشْتَرِي الدَّارَ فِي حَائِطٍ مِنْهَا مَائِلٍ، وَهُوَ فِي الْخِيَارِ فِي الشِّرَاءِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، ثُمَّ رَدَّ الدَّارَ بِالْخِيَارِ بَطَلَ الْإِشْهَادُ، وَلَوْ اسْتَوْجَبَ الْبَيْعُ لَمْ يَبْطُلْ الْإِشْهَادُ، وَلَوْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى الْبَائِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ فِيهِ فَإِنْ نَقَضَ الْبَيْعَ فَالْإِشْهَادُ صَحِيحٌ، وَإِنْ أَوْجَبَهُ بَطَلَ الْإِشْهَادُ، وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَى الْمُشْتَرِي فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَصِحَّ التَّقَدُّمُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَيُشْتَرَطُ لِلضَّمَانِ أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةٌ يُتَمَكَّنُ فِيهَا مِنْ النَّقْضِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ حَتَّى إذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ مِنْ سَاعَتِهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ نَقْضِهِ لَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ بِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّقَدُّمُ وَالطَّلَبُ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ وَالْحَقُّ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ لِلْعَامَّةِ فَيُكْتَفَى بِطَلَبِ وَاحِدٍ مِنْ الْعَامَّةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَيَسْتَوِي أَنْ يُطَالِبَهُ بِنَقْضِهِ مُسْلِمٌ، أَوْ ذِمِّيٌّ، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ كَانَ مَائِلًا إلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَإِنَّ الْخُصُومَةَ فِيهِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ مُسْلِمًا كَانَ، أَوْ ذِمِّيًّا بَعْدَ أَنْ كَانَ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا، أَوْ كَانَ صَغِيرًا أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ، أَوْ كَانَ عَبْدًا أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ.
وَفِي السِّكَّةِ الْخَاصَّةِ الْحَقُّ لِأَصْحَابِ السِّكَّةِ فَيُكْتَفَى بِطَلَبِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَفِي الدَّارِ يُشْتَرَطُ طَلَبُ الْمَالِكِ، أَوْ السَّاكِنِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْجَامِعِ رَجُلٌ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ إلَى دَارِ رَجُلٍ فَسَأَلَ صَاحِبُ الْحَائِطِ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يُؤَجِّلَهُ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَفَعَلَ الْقَاضِي ذَلِكَ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ الضَّمَانُ وَاجِبًا عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَجَّلَهُ رَبُّ الدَّارِ، أَوْ أَبْرَأْهُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ، أَوْ فَعَلَ ذَلِكَ سُكَّانُهَا صَحَّ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تَلِفَ بِالْحَائِطِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ سَقَطَ الْحَائِطُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْأَجَلِ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ اسْتَمْهَلَ مِنْ الْقَاضِي فَأَجَّلَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُؤَخِّرْهُ الْقَاضِي وَلَكِنْ أَخَّرَهُ الَّذِي أَشْهَدَ عَلَيْهِ لَا يَصِحُّ لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ، وَلَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ رَهْنًا فَتَقَدَّمَ إلَى الْمُرْتَهَنِ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ الْمُرْتَهِنُ، وَلَا الرَّاهِنُ، وَإِنْ تَقَدَّمَ فِيهِ إلَى الرَّاهِنِ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.
قَالَ فِي الْمُنْتَقَى: رَجُلٌ ادَّعَى دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ، وَفِيهَا حَائِطٌ مَائِلٌ يُخَافُ سُقُوطُهُ مِنْ الَّذِي يَتَقَدَّمُ إلَيْهِ فِيهِ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ بِهِ حَتَّى يُعَدِّلَ بَيِّنَةَ الْمُدَّعِي قَالَ: يُؤْخَذُ الَّذِي بِيَدَيْهِ الدَّارُ بِنَقْضِهِ، وَيُشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَيْلِهِ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ دَارٍ لَمْ تُدَّعَ مَا لَمْ تُزَكَّ الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ نَقَضَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ ثُمَّ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ ضَمِنَهُ الَّذِي نَقَضَهُ لَهُ قِيمَةَ الْحَائِطِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ لِصَغِيرٍ فَأَشْهَدَ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ صَحَّ الْإِشْهَادُ فَإِنْ سَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ شَيْئًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الصَّغِيرِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَيَصِحُّ عَلَى أَمَةٍ أَيْضًا كَذَا فِي الْكَافِي، وَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ الْحَائِطُ حَتَّى بَلَغَ الصَّبِيُّ ثُمَّ سَقَطَ وَقَتَلَ إنْسَانًا كَانَ دَمُهُ هَدَرًا وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْأَبُ، أَوْ الْوَصِيُّ، وَالْغُلَامُ صَغِيرٌ، ثُمَّ وَقَعَ الْحَائِطُ عَلَى إنْسَانٍ وَقَتَلَهُ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا، وَإِنْ تَقَدَّمَ إلَى الصَّبِيِّ بَعْدَ الْبُلُوغِ تَقَدُّمًا مُسْتَقْبَلًا ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ عَلَى إنْسَانٍ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مَسْجِدٌ مَالَ حَائِطُهُ فَالْإِشْهَادُ عَلَى الَّذِي بَنَاهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا وَقَفَ دَارًا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ، وَدَفَعَهَا إلَى رَجُلٍ تُجْعَلُ غَلَّتُهَا فِي الْمَسَاكِينِ فَأُشْهِدَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ مِنْهَا فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْوَاقِفِ، وَإِنْ أُشْهِدَ عَلَى الَّذِي لَهُ الْوَقْفُ يَعْنِي الْمَسَاكِينَ فَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
عَبْدٌ تَاجِرٌ لَهُ حَائِطٌ مَائِلٌ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَوْلَاهُ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَمْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ أَتْلَفَ الْحَائِطُ مَالًا فَضَمَانُ الْمَالِ يَكُونُ فِي عُنُقِ الْعَبْدِ يُبَاعُ فِيهِ وَإِنْ أُشْهِدَ عَلَى الْمَوْلَى صَحَّ الْإِشْهَادُ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا تَقَدَّمَ فِي الْحَائِطِ إلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ فَنُضَمِّنُ هَذَا الَّذِي أُشْهِدَ عَلَيْهِ بِحِصَّةِ نَصِيبِهِ مِمَّا أَصَابَهُ مِنْ الْحَائِطِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
حَائِطٌ مَائِلٌ بَيْنَ خَمْسَةِ نَفَرٍ أُشْهِدَ عَلَى أَحَدِهِمْ فَسَقَطَ عَلَى إنْسَانٍ وَقَتَلَهُ ضَمِنَ الَّذِي أُشْهِدَ عَلَيْهِ خُمُسَ الدِّيَةِ، وَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَكَذَلِكَ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةِ نَفَرٍ حَفَرَ أَحَدُهُمْ فِيهَا بِئْرًا، أَوْ بَنَى حَائِطًا بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبَيْهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَعَلَيْهِ ثُلُثَا الدِّيَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ وَإِنْ كَانَ الْحَفْرُ وَالْبِنَاءُ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ لَا يَكُونُ جِنَايَةً كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَدَارًا، وَعَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مَا يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا، وَفِيهَا حَائِطٌ مَائِلٌ إلَى الطَّرِيقِ، وَلَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ غَيْرُ هَذَا الِابْنِ فَالتَّقَدُّمُ فِي الْحَائِطِ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُهَا، وَإِنْ وَقَعَ الْحَائِطُ بَعْدَ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ دُونَ عَاقِلَةِ الِابْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: مُكَاتَبٌ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي حَائِطٍ لَهُ مَائِلٍ، فَإِنْ سَقَطَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْهَدْمِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ سَقَطَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْهَدْمِ يَضْمَنُ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَيَضْمَنُ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ سَقَطَ الْحَائِطُ بَعْدَ عِتْقِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ إذَا بَاعَ الْحَائِطَ ثُمَّ سَقَطَ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، وَلَوْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى سَقَطَ الْحَائِطُ فَعَثَرَ إنْسَانٌ بِنَقْضِهِ، وَتَلِفَ ضَمِنَ، وَإِنْ عَجَزَ وَرُدَّ فِي الرِّقِّ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَلَوْ عَثَرَ إنْسَانٌ بِالْقَتِيلِ فَهَلَكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ كَذَا فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِلْعَتَّابِيِّ.
وَلَوْ أَشْرَعَ كَنِيفًا وَنَحْوَهُ فَبَاعَهُ أَوْ عَتَقَ فَسَقَطَ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ الْأَرْشِ، وَإِنْ عَجَزَ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ يُخَيَّرُ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَلَوْ عَثَرَ إنْسَانٌ بِنَقْضِ الْكَنِيفِ يَضْمَنُ الْمُخْرِجُ، وَكَذَا لَوْ عَثَرَ إنْسَانٌ بِهَذَا الْقَتِيلِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُخْرِجِ كَذَا فِي الْكَافِي.
لَوْ أَنَّ رَجُلًا أُمُّهُ مَوْلَاةُ عَتَاقَةٍ لِرَجُلٍ، وَأَبُوهُ عَبْدٌ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ فَلَمْ يَنْقُضْهُ حَتَّى عَتَقَ الْأَبُ ثُمَّ سَقَطَ الْحَائِطُ، وَقَتَلَ إنْسَانًا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ، وَلَوْ سَقَطَ قَبْلَ عِتْقِ الْأَبِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ وَمِثْلُهُ لَوْ أَشْرَعَ كَنِيفًا ثُمَّ عَتَقَ أَبُوهُ ثُمَّ وَقَعَ الْكَنِيفُ عَلَى إنْسَانٍ، وَقَتَلَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ إشْرَاعَ الْكَنِيفِ نَفْسِهِ جِنَايَةٌ، وَعِنْدَ ذَلِكَ عَاقِلَتُهُ مَوْلَى الْأُمِّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَانَ الرَّجُلُ عَلَى حَائِطٍ لَهُ مَائِلٍ أَوْ غَيْرِ مَائِلٍ فَسَقَطَ بِهِ الْحَائِطُ فَأَصَابَ مِنْ غَيْرِ عَمَلِهِ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ فِي الْحَائِطِ الْمَائِلِ إذَا كَانَ قَدْ تُقُدِّمَ إلَيْهِ فِيهِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا سِوَاهُ، وَلَوْ كَانَ هُوَ سَقَطَ مِنْ الْحَائِطِ مِنْ غَيْرِ أَنْ سَقَطَ الْحَائِطُ فَقَتَلَ إنْسَانًا كَانَ هُوَ ضَامِنًا، وَلَوْ مَاتَ السَّاقِطُ نَظَرْتَ فِي الْأَسْفَلِ، فَإِنْ كَانَ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ وَاقِفًا فِي الطَّرِيقِ قَائِمًا، أَوْ قَاعِدًا، أَوْ نَائِمًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِدِيَةِ السَّاقِطِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَسْفَلُ فِي مِلْكِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْأَعْلَى ضَمَانُ الْأَسْفَلِ فِي هَذِهِ الْحَالَاتِ، وَكَذَلِكَ إنْ تَغَفَّلَ فَسَقَطَ، أَوْ نَامَ فَتَقَلَّبَ، فَسَقَطَ فَهُوَ ضَامِنٌ؛ لِمَا أَصَابَ الْأَسْفَلَ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ عَلَى رَجُلٍ، فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ، وَمِلْكُهُ وَغَيْرُ مِلْكِهِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ.
وَكَذَلِكَ لَوْ سَقَطَ فِي بِئْرٍ احْتَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ، وَفِيهَا إنْسَانٌ فَقَتَلَ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ كَانَ ضَامِنًا لِدِيَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ الْبِئْرُ فِي الطَّرِيقِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى رَبِّ الْبِئْرِ فِيمَا أَصَابَ السَّاقِطَ وَالْمَسْقُوطَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَضَعَ جَرَّةً عَلَى حَائِطٍ فَسَقَطَتْ عَلَى رَجُلٍ فَأَتْلَفَتْهُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْقَطَعَ أَثَرُ فِعْلِهِ بِوَضْعِهِ عَلَى الْحَائِطِ، وَهُوَ فِي هَذَا الْوَضْعِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فَلَا يُضَافُ إلَيْهِ التَّلَفُ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
إذَا وَضَعَ الرَّجُلُ عَلَى حَائِطٍ شَيْئًا فَوَقَعَ ذَلِكَ الشَّيْءُ، فَأَصَابَ إنْسَانًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا وَضَعَهُ طُولًا، وَأَمَّا إذَا وَضَعَهُ عَرْضًا حَتَّى خَرَجَ طَرَفٌ مِنْهُ إلَى الطَّرِيقِ إنْ سَقَطَ فَأَصَابَ الطَّرَفُ الْخَارِجُ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ أَصَابَ الطَّرَفُ الْآخَرُ لَا يَضْمَنُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْحَائِطُ مَائِلًا، وَكَانَ وَضْعُ الْجِذْعِ عَلَيْهِ طُولًا حَتَّى لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ مِنْهُ إلَى الطَّرِيقِ ثُمَّ سَقَطَ ذَلِكَ الْجِذْعُ عَلَى إنْسَانٍ، وَمَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ، وَأُطْلِقَ الْجَوَابُ إطْلَاقًا.
مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا إذَا كَانَ الْحَائِطُ مَالَ إلَى الطَّرِيقِ مَيْلًا يَسِيرًا غَيْرَ فَاحِشٍ فَأَمَّا إذَا مَالَ مَيْلًا فَاحِشًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ بِالرَّفْعِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْجَوَابُ كَمَا أَطْلَقَهُ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَضْمَنُ فِي الْحَالَيْنِ، وَلَوْ كَانَ الْوَضْعُ بَعْدَ مَا تُقُدِّمَ إلَيْهِ فِي الْحَائِطِ ثُمَّ سَقَطَ الْجِذْعُ وَأَصَابَ إنْسَانًا يَقُولُ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
حَائِطٌ مَائِلٌ أُشْهِدَ عَلَيْهِ فَوَضَعَ صَاحِبُ الْحَائِطِ، أَوْ غَيْرُهُ عَلَيْهِ جَرَّةً فَسَقَطَ الْحَائِطُ، وَرَمَى بِالْجَرَّةِ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَالضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ، وَلَوْ عَثَرَ بِالْجَرَّةِ، أَوْ بِنَقْضِهَا أَحَدٌ إنْ كَانَتْ الْجَرَّةُ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْحَائِطِ فَلَا يَضْمَنُ أَحَدٌ وَلَوْ كَانَتْ الْجَرَّةُ لِرَبِّ الْحَائِطِ يَضْمَنُ هَكَذَا فِي الْكَافِي.
وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: حَائِطٌ مَائِلٌ تُقُدِّمَ إلَى صَاحِبِهِ فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى أَلْقَتْهُ الرِّيحُ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أُشْهِدَ عَلَى الرَّجُلِ فِي حَائِطٍ مِنْ دَارٍ فِي يَدِهِ فَلَمْ يَهْدِمْهُ حَتَّى سَقَطَ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ فَأَنْكَرَتْ الْعَاقِلَةُ أَنْ تَكُونَ الدَّارُ لَهُ، أَوْ قَالُوا: لَا نَدْرِي أَنَّ الدَّارَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الدَّارَ لَهُ، فَإِنْ أَقَرَّ ذُو الْيَدِ أَنَّ الدَّارَ لَهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِ قِيَاسًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَيْهِ دِيَةُ الْقَتِيلِ إنْ أَقَرَّ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ تَقَدَّمَ إلَيْهِ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ لَهُ فَلَمْ يَنْقُضْهُ حَتَّى وَقَعَ عَلَى حَائِطٍ لِجَارِهِ وَهَدَمَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِحَائِطِ الْجَارِ، وَيَكُونُ لِلْجَارِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَةَ حَائِطِهِ وَالنَّقْضُ لِلضَّامِنِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النَّقْضَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى الْبِنَاءِ كَمَا كَانَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ جَاءَ إنْسَانٌ وَعَثَرَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُتَقَدَّمِ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وَإِنْ عَثَرَ بِنَقْضِ الْحَائِطِ الثَّانِي قَبْلَ تَضْمِينِ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الْحَائِطُ الثَّانِي مِلْكَ صَاحِبِ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ أَيْضًا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ مَنْ عَثَرَ بِالثَّانِي كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
حَائِطَانِ مَائِلَانِ أُشْهِدَ عَلَيْهِمَا فَسَقَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ فَهَدَمَهُ فَمَا تَلِفَ بِوُقُوعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي أَوْ بِنَقْضِ الْأَوَّلِ فَعَلَى مَالِكِ الْأَوَّلِ، وَمَا تَلِفَ بِنَقْضِ الثَّانِي فَهُوَ هَدَرٌ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْحَائِطِ الْأَوَّلِ جَنَاحٌ أَخْرَجَهُ رَجُلٌ إلَى الطَّرِيقِ وَوَقَعَ عَلَى حَائِطٍ مَائِلٍ لِرَجُلٍ تَقَدَّمَ إلَيْهِ وَوَقَعَ الْحَائِطُ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَهُ، أَوْ عَثَرَ رَجُلٌ بِنَقْضِ الْحَائِطِ بَعْدَ مَا وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى صَاحِبِ الْجَنَاحِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا مَالَ حَائِطٌ لِرَجُلٍ بَعْضُهُ عَلَى الطَّرِيقِ، وَبَعْضُهُ عَلَى دَارِ قَوْمٍ فَتَقَدَّمَ إلَيْهِ أَهْلُ الدَّارِ فِيهِ فَسَقَطَ مَا فِي الطَّرِيقِ مِنْهُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَقَدَّمَ أَهْلُ الطَّرِيقِ إلَيْهِ فَسَقَطَ الْمَائِلُ إلَى الدَّارِ عَلَى أَهْلِ الدَّارِ، فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
حَائِطٌ طَوِيلٌ وَهَى بَعْضُهُ وَلَمْ يَهِ الْبَاقِي فَسَقَطَ الْوَاهِي وَغَيْرُ الْوَاهِي وَقَتَلَ إنْسَانًا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ مَا أَصَابَهُ الْوَاهِي مِنْهُ، وَلَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَهُ غَيْرُ الْوَاهِي، وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا كَانَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
حَائِطٌ مَائِلٌ لِرَجُلٍ أَخَذَ الْقَاضِي صَاحِبَهُ بِالْهَدْمِ فَضَمِنَ رَجُلٌ أَنْ يَهْدِمَهُ بِأَمْرِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَلِلضَّمِينِ أَنْ يَهْدِمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ شَاهِدَانِ فَأَصَابَ الْحَائِطُ أَحَدَ الشَّاهِدَيْنِ، أَوْ أَبَاهُ، أَوْ عَبْدًا لَهُ أَوْ مُكَاتَبًا، وَلَا شَاهِدَ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ غَيْرُهُمَا لَمْ تَجُزْ شَهَادَةُ هَذَا الَّذِي يَجُرُّ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَحَدٍ مِمَّنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ نَفْعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ تَقَدَّمَ إلَيْهِ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ لَهُ لَا يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَى الطَّرِيقِ لَكِنْ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَى حَائِطٍ لَهُ آخَرَ صَحِيحٍ لَا يَخَافُ وُقُوعَهُ فَيَقَعُ الصَّحِيحُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَمْ يَقَعْ الْمَائِلُ وَلَكِنْ وَقَعَ الصَّحِيحُ بِنَفْسِهِ فَأَتْلَفَ إنْسَانًا، أَوْ عَثَرَ بِنَقْضِهِ رَجُلٌ كَانَ هَدَرًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَقِيطٌ لَهُ حَائِطٌ مَائِلٌ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِ فَسَقَطَ الْحَائِطُ وَأَتْلَفَ إنْسَانًا كَانَتْ دِيَةُ الْقَتِيلِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا الْكَافِرُ إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يُوَالِ أَحَدًا فَهُوَ كَاللَّقِيطِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
حَائِطٌ أَعْلَاهُ لِرَجُلٍ وَأَسْفَلُهُ لِآخَرَ فَمَالَ فَتَقَدَّمَ إلَى أَحَدِهِمَا ضَمِنَ الْمُتَقَدِّمُ إلَيْهِ نِصْفَ الدِّيَةِ إذَا سَقَطَ كُلُّهُ، وَإِنْ سَقَطَ أَعْلَاهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ دُونَ صَاحِبِ السُّفْلِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ قَوْمًا يَهْدِمُونَ لَهُ حَائِطًا فَقَتَلَ الْهَدْمُ مِنْ فِعْلِهِمْ رَجُلًا مِنْهُمْ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ وَالْكَفَّارَةُ دُونَ رَبِّ الدَّارِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
حَائِطٌ لِرَجُلٍ فَسَقَطَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ ثُمَّ أُشْهِدَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي رَفْعِ النَّقْضِ عَنْ الطَّرِيقِ فَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى عَثَرَ بِهِ آدَمِيٌّ أَوْ دَابَّةٌ فَعَطِبَ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ أَخْرَجَ مِنْ حَائِطٍ إفْرِيزًا إنْ كَانَ كَبِيرًا ضَمِنَ مَا أَصَابَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا يَسِيرًا لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ تَقَدَّمَ إلَى رَجُلٍ فِي حَائِطٍ مَائِلٍ لَهُ عَلَيْهِ جَنَاحٌ شَارِعٌ قَدْ أَشْرَعَهُ الَّذِي بَاعَ الدَّارَ فَسَقَطَ الْحَائِطُ وَالْجَنَاحُ، فَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ هُوَ الَّذِي طَرَحَ الْجَنَاحَ كَانَ صَاحِبُ الْحَائِطِ ضَامِنًا لِمَا أَصَابَ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْجَنَاحُ هُوَ السَّاقِطَ وَحْدَهُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ الَّذِي أَشْرَعَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ لَهُ سُفْلٌ وَلِآخَرَ عُلُوٌّ، وَهُمَا مَخُوفَانِ تَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِهِمَا فَلَمْ يَهْدِمَا حَتَّى سَقَطَ السُّفْلُ فَرَمَى بِالْعُلُوِّ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَدِيَةُ الْمَقْتُولِ عَلَى عَاقِلَةِ صَاحِبِ السُّفْلِ، وَضَمَانُ مَنْ عَثَرَ بِنَقْضِ السُّفْلِ عَلَيْهِ أَيْضًا وَمَنْ عَثَرَ بِنَقْضِ الْعُلُوِّ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
سُفْلٌ لِرَجُلٍ وَعُلُوٌّ لِآخَرَ وَهَى الْكُلُّ فَأُشْهِدَ عَلَيْهِمَا ثُمَّ سَقَطَ الْعُلُوُّ، وَقَتَلَ إنْسَانًا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْعُلُوِّ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ أَخْرَجَ إلَى الطَّرِيقِ كَنِيفًا أَوْ مِيزَابًا، أَوْ بَنَى دُكَّانًا، أَوْ جُرْصُنًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ عُرْضِ النَّاسِ أَنْ يَقْلَعَ ذَلِكَ وَيَهْدِمَهُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِينَ أَوْ لَمْ يَضُرَّ، وَيَسْتَوِي فِي هَذَا الْحَقِّ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالْمَرْأَةُ.
أَمَّا لَيْسَ لِلْعَبْدِ حَقُّ نَقْضِ الدَّارِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الطَّرِيقِ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَدِيمَةً لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ حَقُّ الرَّفْعِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي حَالَهَا فَإِنَّهَا تُجْعَلُ حَدِيثَةً حَتَّى كَانَ لِلْإِمَامِ حَقُّ الرَّفْعِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
هَذَا إذَا بَنَى عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ بِنَاءً لِنَفْسِهِ، وَإِنْ بَنَى شَيْئًا لِلْعَامَّةِ كَالْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَلَا يَضُرُّ لَا يُنْقَضُ كَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَإِنْ أَخْرَجَ فِي الطَّرِيقِ الْخَاصِّ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ إذَا كَانَ لَهُ الْمُرُورُ تَحْتَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَقُّ النَّزْعِ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ تَحْتَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ فَلَيْسَ لَهُ حَقُّ النَّزْعِ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ قَدِيمَةً فَلَيْسَ لِأَحَدٍ حَقُّ النَّزْعِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي حَالَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ تُجْعَلُ قَدِيمَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا أَرَادَ رَجُلٌ إحْدَاثَ ظُلَّةٍ فِي طَرِيقُ الْعَامَّةِ، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ فَالصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ آحَادِ الْمُسْلِمِينَ حَقَّ الْمَنْعِ وَحَقَّ الطَّرْحِ، وَإِنْ أَرَادَ إحْدَاثَ الظُّلَّةِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الضَّرَرُ وَعَدَمُهُ عِنْدَنَا بَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِذْنُ مِنْ أَهْلِ السِّكَّةِ، وَهَلْ يُبَاحُ إحْدَاثُ الظُّلَّةِ عَلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّهُ يُبَاحُ، وَلَا يَأْثَمُ قَبْلَ أَنْ يُخَاصِمَهُ أَحَدٌ، وَبَعْدَ الْمُخَاصَمَةِ لَا يُبَاحُ الْإِحْدَاثُ وَالِانْتِفَاعُ، وَيَأْثَمُ بِتَرْكِ الظُّلَّةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الدَّرْبِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ نَافِذٍ أَنْ يَشْرَعَ كَنِيفًا وَلَا مِيزَابًا إلَّا بِإِذْنِ جَمِيعِ أَهْلِ الدَّرْبِ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِمْ أَوْ لَمْ يَضُرَّ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
قَالَ فِي الْأَصْلِ: إذَا وَضَعَ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ حَجَرًا، أَوْ بَنَى فِيهِ، أَوْ أَخْرَجَ مِنْ حَائِطِهِ جِذْعًا أَوْ صَخْرَةً شَاخِصَةً فِي الطَّرِيقِ، أَوْ أَشْرَعَ كَنِيفًا، أَوْ جَنَاحًا، أَوْ مِيزَابًا، أَوْ ظُلَّةً، أَوْ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ جِذْعًا فَهُوَ ضَامِنٌ إذَا أَصَابَ شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ إلَّا أَنَّ الْمُتْلَفَ إذَا كَانَ آدَمِيًّا فَإِنَّهُ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَإِنْ جَرَحَ آدَمِيًّا وَلَمْ يُتْلِفْهُ إنْ بَلَغَ أَرْشُهُ أَرْشَ الْمُوضِحَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي مَالِهِ.
وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلَا يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ مُوَرِّثَهُ، وَإِنْ أَصَابَ مَالًا وَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِي مَالِهِ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ مُطْلَقَةً، وَأَنَّهَا عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ يَضْمَنُ، وَإِنْ فَعَلَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ قَالَ مَشَايِخُنَا: وَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ لَا يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ بِأَنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ سَعَةٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ يَضُرُّ بِالْعَامَّةِ بِأَنْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ ضِيقٌ لَا يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ فِي الْكِتَابِ إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ، أَوْ فِي الطَّرِيقِ فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ، فَأَمَّا إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ يُنْظَرُ إنْ فَعَلَ مَا لَيْسَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى لَا يَضْمَنُ حِصَّةَ نَفْسِهِ، وَيَضْمَنُ حِصَّةَ شُرَكَائِهِ، وَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا هُوَ مِنْ جُمْلَةِ السُّكْنَى فَالْقِيَاسُ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى: عَبْدٌ تَاجِرٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ أَشْرَعَ كَنِيفًا مِنْ دَارِهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَفِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ حَفَرَ الْعَبْدُ فِيهَا بِئْرًا، أَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً بِإِذْنِ الْمَوْلَى، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ فَعَلَ الْمَوْلَى ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَبْدِ فَلَا ضَمَانَ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: هُوَ ضَامِنٌ فِي الْقِيَاسِ لَكِنِّي أَدَعُ الْقِيَاسَ، وَلَا أُضَمِّنُهُ، وَكَذَلِكَ الرَّاهِنُ إذَا بَنَى فِي دَارِ الرَّهْنِ، أَوْ حَفَرَ فِيهَا بِئْرًا أَوْ رَبَطَ فِيهَا دَابَّةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَبُّ الدَّارِ الْعَمَلَةَ لِإِخْرَاجِ الْجَنَاحِ، أَوْ الظُّلَّةِ فَوَقَعَ فَقَتَلَ إنْسَانًا قَبْلَ أَنْ يَفْرُغُوا مِنْ الْعَمَلِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ دُونَ رَبِّ الدَّارِ فَيَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ وَحِرْمَانُ الْإِرْثِ، وَإِنْ سَقَطَ ذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغِهِمْ مِنْ الْعَمَلِ فَالضَّمَانُ عَلَى رَبِّ الدَّارِ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ هَذَا كَالْأَوَّلِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَالْمَبْسُوطِ، وَهَكَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَالْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ سَقَطَ مِنْ أَيْدِيهِمْ آجُرٌّ أَوْ حِجَارَةٌ، أَوْ خَشَبٌ فَأَصَابَ إنْسَانًا فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ سَقَطَ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ، وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَمَنْ أَشْرَعَ مِيزَابًا فِي الطَّرِيقِ وَسَقَطَ فَأَصَابَ إنْسَانًا، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الدَّاخِلُ الَّذِي يَلِي الْحَائِطَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَصَابَهُ الطَّرَفُ الْخَارِجُ ضَمِنَ، وَإِنْ أَصَابَهُ الطَّرَفَانِ جَمِيعًا وَقَدْ عَلِمَ ذَلِكَ وَجَبَ نِصْفُ الضَّمَانِ، وَهُدِرَ النِّصْفُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَيَّ الطَّرَفَيْنِ أَصَابَهُ ضَمِنَ النِّصْفَ وَهُدِرَ النِّصْفُ اسْتِحْسَانًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ أَشْرَعَ جَنَاحًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الدَّارَ فَأَصَابَ الْجَنَاحُ رَجُلًا فَقَتَلَهُ، أَوْ وَضَعَ خَشَبَةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ بَاعَ الْخَشَبَةَ وَبَرِئَ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْهَا وَتَرَكَهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى عَطِبَ بِهَا إنْسَانٌ فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ وَضَعَ خَشَبَةً عَلَى الطَّرِيقِ فَتَعَقَّلَ بِهَا رَجُلٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ، فَإِنْ وَطِئَ الْمَارُّ عَلَى الْخَشَبَةِ وَوَقَعَ فَمَاتَ كَانَ ضَامِنًا لَهُ بَعْدَ أَنْ لَا يَتَعَمَّدَ الزَّلَقَةَ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْخَشَبَةُ كَبِيرَةً يُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، وَلَا يُوطَأُ عَلَى مِثْلِهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي وَضَعَهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا كَنَسَ طَرِيقًا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَمَانٌ لَوْ عَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ جَمَعَ الْكُنَاسَةَ فِي مَوْضِعٍ فِي الطَّرِيقِ فَتَعَقَّلَ بِهَا إنْسَانٌ فَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ الَّذِي كَنَسَ ضَامِنًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ رَشَّ الْمَاءَ فِي الطَّرِيقِ، أَوْ تَوَضَّأَ فِيهِ ضَمِنَ، وَلَمْ يُفَصَّلْ قَالُوا: إنَّمَا يَضْمَنُ الرَّاشُّ إذَا مَرَّ الْمَارُّ عَلَى مَوْضِعِ الرَّشِّ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ بِأَنْ كَانَ لَيْلًا أَوْ أَعْمَى فَعَثَرَ بِهِ وَمَاتَ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ الْمَارُّ بِالرَّشِّ وَالصَّبِّ فَلَا يَضْمَنُ وَكَذَلِكَ لَوْ تَعَمَّدَ الْمُرُورَ عَلَى الْحَجَرِ وَالْخَشَبِ فَعَثَرَ بِهِ لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ، وَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا هَذَا إذَا رَشَّ بَعْضَ الطَّرِيقِ أَوْ وَضَعَ الْحَجَرَ وَالْخَشَبَ فِي بَعْضِهِ، فَأَمَّا إذَا رَشَّ كُلَّ الطَّرِيقِ، أَوْ أَحْدَثَ الْخَشَبَ فِي كُلِّهِ فَمَرَّ عَلَيْهِ وَعَثَرَ بِهِ ضَمِنَ الرَّاشُّ وَالْوَاضِعُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِنْ مَرَّتْ دَابَّةٌ فَعَطِبَتْ يَضْمَنُ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا رَشَّ فِنَاءَ حَانُوتٍ بِإِذْنِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ فَعَثَرَ إنْسَانٌ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ عَلَى الرَّاشِّ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ صَاحِبِ الْحَانُوتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ رَشَّ الْمَاءَ فِي الطَّرِيقِ وَجَاءَ رَجُلٌ بِحِمَارَيْنِ أَحَدُهُمَا بِيَدِهِ وَتَبِعَهُ الْآخَرُ فَتَزَلَّقَ التَّابِعُ فَانْكَسَرَتْ رِجْلُهُ إنْ كَانَ صَاحِبُ الْحِمَارُ سَائِقًا لَهُمَا لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَائِقٍ ضَمِنَ الرَّاشُّ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
سُئِلَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ رَجُلٍ صَبَّ مَاءً فِي الطَّرِيقِ فَاسْتُنْقِعَ الْمَاءُ فَجَمَدَ فَزَلِقَ إنْسَانٌ بِذَلِكَ الْجَمْدِ قَالَ: الَّذِي صَبَّ الْمَاءَ ضَامِنٌ لَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ ذَابَ الْجَمْدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَزَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ أَلْقَاهُ فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ جَمْدٌ فَذَابَ وَزَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: إذَا كَانَ الطَّرِيقُ غَيْرَ نَافِذٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ الطَّرِيقِ أَنْ يَضَعَ فِيهِ الْخَشَبَ وَيَرْبِطَ فِيهِ الدَّابَّةَ وَيَتَوَضَّأَ فِيهِ، وَإِنْ عَطِبَ بِذَلِكَ إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ بَنَى فِيهِ بِنَاءً، أَوْ حَفَرَ فِيهِ بِئْرًا فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ كَانَ ضَامِنًا وَلِكُلٍّ مِنْ صَاحِبِ الدَّارِ الِانْتِفَاعُ بِفِنَاءِ دَارِهِ مِنْ إلْقَاءِ الطِّينِ وَالْحَطَبِ وَرَبْطِ الدَّابَّةِ وَبِنَاءِ الدُّكَّانِ وَالتَّنُّورِ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بِالثَّلْجِ الْمَرْمِيِّ بِأَنْ زَلِقَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ، فَقَدْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَمَا فِي آخِرِ جِنَايَاتِ الْعُيُونِ إنْ كَانَتْ السِّكَّةُ غَيْرَ نَافِذَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّامِي، وَإِنْ كَانَتْ نَافِذَةً يَضْمَنُ الَّذِي رَمَى بِالثَّلْجِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: هَذَا جَوَابُ الْقِيَاسِ وَنَحْنُ نَسْتَحْسِنُ وَنَقُولُ: لَا يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمْ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّكَّةُ نَافِذَةً، أَوْ غَيْرَ نَافِذَةٍ، وَفِي الْعُيُونِ أَنَّهُ يَكُونُ مُقَيَّدًا بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَبَعْضُ مَشَايِخِ زَمَانِنَا قَالُوا: إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ كَانَتْ السِّكَّةُ بِحَالٍ يَلْحَقُهُمْ حَرَجٌ عَظِيمٌ بِنَقْلِ الثَّلْجِ حَتَّى عُرِفَ الْإِذْنُ بِإِلْقَاءِ الثَّلْجِ وَتَرْكِهِ دَلَالَةً فَالْجَوَابُ فِيهِ كَمَا قَالَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَإِلَّا فَالْجَوَابُ كَمَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي الْقَاسِمِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ بَلْدَةٍ ذَاتِ ثَلْجٍ رُبَّمَا يَكْثُرُ الطِّينُ فِي الطَّرِيقِ فَأَلْقَى كُلُّ وَاحِدٍ بِفِنَاءِ دَارِهِ أَوْ قُرْبَ دَارِهِ حَجَرًا فَتَعَقَّلَ بِهِ إنْسَانٌ قَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْإِمَامِ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ الضَّمَانُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ تَعَقَّلَ بِحَجَرٍ فَوَقَعَ عَلَى حَجَرٍ آخَرَ وَمَاتَ فَالضَّمَانُ عَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَاضِعٌ فَعَلَى وَاضِعِ الْحَجَرِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ عَثَرَ بِمَا أَحْدَثَهُ فِي الطَّرِيقِ رَجُلٌ فَوَقَعَ عَلَى آخَرَ فَمَاتَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي أَحْدَثَهُ فِي الطَّرِيقِ، وَلَا يَضْمَنُ الَّذِي عَثَرَ بِهِ، وَلَوْ نَحَّى رَجُلٌ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَعَطِبَ بِذَلِكَ رَجُلٌ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الَّذِي نَحَّاهُ وَيَخْرُجُ الْأَوَّلُ مِنْ الضَّمَانِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ وَضَعَ إنْسَانٌ سَيْفًا فِي الطَّرِيقِ وَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ وَمَاتَ وَانْكَسَرَ السَّيْفُ ضَمِنَ صَاحِبُ السَّيْفِ دِيَتَهُ وَيَضْمَنُ الْعَاثِرُ قِيمَةَ سَيْفِهِ، وَلَوْ أَنَّهُ عَثَرَ ثُمَّ وَقَعَ عَلَى السَّيْفِ فَانْكَسَرَ وَمَاتَ الرَّجُلُ ضَمِنَ صَاحِبُ السَّيْفِ دِيَتَهُ، وَلَمْ يَضْمَنْ بِالْكَسْرِ شَيْئًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَمَنْ أَوْقَفَ سَبُعًا فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ إذَا كَانَ مَرْبُوطًا فَأَصَابَ قَبْلَ حَلِّ الرِّبَاطِ، وَإِذَا أَصَابَ بَعْدَ مَا انْحَلَّ الرِّبَاطُ وَزَالَ عَنْ مَكَانِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَكَذَلِكَ لَوْ طَرَحَ بَعْضَ الْهَوَامِّ عَلَى رَجُلٍ فَعَقَرَهُ يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ أَشْلَى كَلْبًا عَقُورًا عَلَى رَجُلٍ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ وَضَعَ فِي الطَّرِيقِ جَمْرًا فَاحْتَرَقَ بِهِ شَيْءٌ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ حَرَّكَتْهُ الرِّيحُ فَذَهَبَ بِهِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ ثُمَّ احْتَرَقَ بِهِ شَيْءٌ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: هَذَا إذَا حَرَّكَتْ عَيْنَهَا عَنْ مَوْضِعِهَا فَأَمَّا إذَا ذَهَبَتْ بِشَرَرِهَا فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا فَإِنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَيْضًا وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ: إذَا كَانَ الْيَوْمُ يَوْمَ رِيحٍ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ ذَهَبَتْ الرِّيحُ بِعَيْنِهَا، وَكَانَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ لَا يَقُولُ بِالضَّمَانِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
الْحَدَّادُ إذَا أَخْرَجَ الْحَدِيدَةَ مِنْ الْكِيرِ وَذَلِكَ فِي حَانُوتِهِ فَوَضَعَهَا عَلَى الْقَلَّابِ وَضَرَبَهَا بِمِطْرَقَةٍ فَخَرَجَ شَرَرُهَا إلَى طَرِيقِ الْعَامَّةِ فَأَحْرَقَتْ رَجُلًا، أَوْ فَقَأَتْ عَيْنَهُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَوْ أَحْرَقَتْ ثَوْبَ إنْسَانٍ فَقِيمَتُهُ فِي مَالِهِ وَلَوْ لَمْ يَضْرِبْهَا بِالْمِطْرَقَةِ وَلَكِنَّ الرِّيحَ أَخْرَجَتْ شَرَرَهَا فَأَصَابَ مَا أَصَابَ فَهُوَ هَدَرٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَلَوْ كَانَ الْحَدَّادُ أَوْقَدَ النَّارَ عَلَى طَرَفِ حَانُوتِهِ إلَى جَانِبِ طَرِيقٍ عَلَى مَا يُحِيطُ بِهِ الْعِلْمُ بِأَنَّ تِلْكَ النَّارَ تَشْتَعِلُ إلَى جَانِبِهَا فِي الطَّرِيقِ حَتَّى أَحْرَقَتْ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ فِي مِلْكِهِ أَوْ غَيْرِ مِلْكِهِ، وَهُوَ يَحْمِلُ نَارًا فَوَقَعَتْ شَرَارَةٌ مِنْهَا عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ فَاحْتَرَقَ ذُكِرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا، وَلَوْ طَارَتْ الرِّيحُ بِشَرَرِ نَارِهِ وَأَلْقَتْهُ عَلَى ثَوْبِ إنْسَانٍ لَا يَضْمَنُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إنْ مَرَّ بِالنَّارِ فِي مَوْضِعٍ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فَوَقَعَتْ شَرَارَةٌ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ، أَوْ أَلْقَتْهَا الرِّيحُ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمُرُورِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إنْ وَقَعَتْ مِنْهُ شَرَارَةٌ يَضْمَنُ، وَإِنْ هَبَّتْ بِهَا الرِّيحُ لَا يَضْمَنُ، وَهَذَا أَظْهَرُ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا قَعَدَ عَلَى الطَّرِيقِ لِلْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَتَعَقَّلَ بِهِ إنْسَانٌ، فَإِنْ كَانَ قُعُودُهُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لَا يَضْمَنُ وَإِلَّا فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
رَجُلٌ مَرَّ عَلَى نَائِمٍ فَعَثَرَ عَلَيْهِ بِرِجْلِهِ فَدَقَّ سَاقَهُ ثُمَّ سَقَطَ عَلَيْهِ فَاعْوَرَّتْ عَيْنُهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِعُ فَعَلَى الْوَاقِعِ أَرْشُ رِجْلِ النَّائِمِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِصُنْعِهِ، وَعَلَى النَّائِمِ دِيَةُ الْوَاقِعِ، وَلَوْ مَاتَا جَمِيعًا فَعَلَى النَّائِمِ دِيَةُ الْوَاقِعِ، وَعَلَى الْوَاقِعِ نِصْفُ دِيَةِ النَّائِمِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَفِي الْبَقَّالِيِّ إذَا عَثَرَ مَاشٍ بِنَائِمٍ فِي الطَّرِيقِ فَانْكَسَرَ أُصْبُعُهُ وَأُصْبُعُ النَّائِمِ فَمَاتَا فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَصَابَ الْآخَرُ، وَإِنْ عَطِبَ أَحَدُهُمَا فَعَلَى عَاقِلَةِ السَّالِمِ دِيَتُهُ، وَإِنْ عَثَرَ فَوَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ فَأَصَابَ رَأْسُهُ رَأْسَ النَّائِمِ فَانْشَجَّا وَانْكَسَرَ أُصْبُعُهُمَا ضَمِنَ النَّائِمُ أُصْبُعَ الْوَاقِعِ وَشَجَّتَهُ، وَالْوَاقِعُ أُصْبُعَ النَّائِمِ دُونَ شَجَّتِهِ، وَإِنْ مَاتَا جَمِيعًا فَعَلَى عَاقِلَةِ النَّائِمِ دِيَةُ الْوَاقِعِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْوَاقِعِ نِصْفُ دِيَةِ النَّائِمِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مَرَّ فِي الطَّرِيقِ فَسَقَطَ مَيِّتًا مِنْ غَيْرِ جِنَايَةِ أَحَدٍ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْ لَا الْمَيِّتُ، وَلَا عَاقِلَتُهُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
رَجُلٌ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ فَأَدْرَكَهُ مَرَضٌ فَوَقَعَ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ أَدْرَكَهُ ضَعْفٌ فَلَمْ يَقْدِرْ مَعَهُ عَلَى الْمَشْيِ فَوَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ، أَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَالضَّمَانُ وَاجِبٌ عَلَى عَاقِلَتِهِ، فَإِنْ كَانَ وَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَا مِيرَاثَ لَهُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ فَعَثَرَ بِهِ عَاثِرٌ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَلَا يُحْرَمُ الْمِيرَاثَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
عَبْدٌ نَامَ، أَوْ قَعَدَ فِي طَرِيقٍ، وَدَامَ عَلَيْهِ حَتَّى عَتَقَ فَعَثَرَ بِهِ أَحَدٌ وَمَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْعَبْدِ، وَعَاقِلَتُهُ عَاقِلَةُ الْمَوْلَى، وَإِنْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ وَتَعَذَّرَ الْبَرَاحُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ عَثَرَ بِهِ أَحَدٌ يَجِبُ عَلَى سَيِّدِهِ قِيمَتُهُ، وَكَذَا لَوْ أَوْقَفَ الْعَبْدُ دَابَّةً فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ حَرَّرَهُ سَيِّدُهُ ثُمَّ عَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَمَاتَ ضَمِنَ السَّيِّدُ قِيمَةَ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ قَمَطَ رَجُلٌ عَبْدًا لِرَجُلٍ وَرَمَاهُ فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ عَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَدِيَةُ الْعَاثِرِ عَلَى مَنْ قَمَطَ وَرَمَاهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَعَ الْقِمَاطِ يَقْدِرُ عَلَى الذَّهَابِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ فَلَمْ يَذْهَبْ حَتَّى عَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ كَانَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى مَوْلَاهُ، وَلَوْ كَانَ أَجْلَسَ الْعَبْدَ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرُ رِبَاطٍ وَلَا قِمَاطٍ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ فَلَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَكَان حَتَّى عَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَجَبَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَى مَوْلَاهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ مَرَّ فِي الطَّرِيقِ، وَهُوَ يَحْمِلُ حِمْلًا فَوَقَعَ الْحِمْلُ عَلَى إنْسَانٍ فَأَتْلَفَهُ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ عَثَرَ إنْسَانٌ بِالْحِمْلِ الْوَاقِعِ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ أَيْضًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ يَمْشِي فِي الطَّرِيقِ، وَعَلَيْهِ شَيْءٌ هُوَ لَابِسُهُ مِمَّا يَلْبَسُهُ النَّاسُ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ وَقَعَ عَلَى إنْسَانٍ، أَوْ وَقَعَ فِي الطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ مِمَّا لَا يَلْبَسُهُ النَّاسُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحَامِلِ لَهُ، وَيَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِهِ، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ يَسُوقُ الدَّابَّةَ أَوْ يَقُودُهَا، أَوْ هُوَ رَاكِبٌ عَلَيْهَا فَسَقَطَ عَنْهَا بَعْضُ أَدَوَاتِهَا مِنْ سَرْجٍ، أَوْ لِجَامٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ عَلَى إنْسَانٍ وَقَتَلَهُ، أَوْ سَقَطَتْ الدَّابَّةُ عَلَى الطَّرِيقِ، أَوْ سَقَطَ بَعْضُ أَدَوَاتِهَا عَلَى الطَّرِيقِ وَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ وَمَاتَ فَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ ضَامِنُونَ لِذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ وَضَعَ جَرَّةً فِي الطَّرِيقِ، وَرَجُلٌ آخَرُ وَضَعَ جَرَّةً فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ أَيْضًا فَتَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَانْكَسَرَتْ الْأُخْرَى لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْجَرَّةِ الَّتِي تَدَحْرَجَتْ، وَإِنْ انْكَسَرَتْ الَّتِي تَدَحْرَجَتْ يَضْمَنُ صَاحِبُ الْأُخْرَى، وَكَذَلِكَ رَجُلٌ أَوْقَفَ دَابَّتَهُ فِي الطَّرِيقِ وَآخَرُ كَذَلِكَ فَنَفَرَتْ إحْدَاهُمَا وَأَصَابَتْ الْأُخْرَى لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الَّتِي نَفَرَتْ وَلَوْ عَطِبَتْ الَّتِي نَفَرَتْ بِالْأُخْرَى يَضْمَنُ صَاحِبُ الْوَاقِفَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ وَضَعَ جَرَّةً فِي الطَّرِيقِ، وَفِيهَا زَيْتٌ، أَوْ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ وَرَجُلٌ آخَرُ وَضَعَ جَرَّةً أُخْرَى فِي الطَّرِيقِ أَيْضًا فَتَدَحْرَجَتْ إحْدَاهُمَا فَأَصَابَتْ الْأُخْرَى فَانْكَسَرَتَا قَالَ: ضَمِنَ صَاحِبُ الْجَرَّةِ الْقَائِمَةِ الَّتِي لَمْ تَتَدَحْرَجْ قِيمَةَ الْجَرَّةِ الْأُخْرَى وَمِثْلَ الزَّيْتِ الَّذِي فِيهَا، وَأَمَّا صَاحِبُ الْجَرَّةِ الَّتِي تَدَحْرَجَتْ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا وَلَوْ تَدَحْرَجَتَا لَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَوْ مَالَتْ إحْدَاهُمَا فَضَرَبَتْ عَلَى الْأُخْرَى مِنْ غَيْرِ أَنْ تَزُولَ عَنْ مَوْضِعِهَا الَّذِي وَضَعَهَا فِيهِ فَانْكَسَرَتَا، أَوْ انْكَسَرَتْ الْمَائِلَةُ، أَوْ الْقَائِمَةُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَمَانُ مَا انْكَسَرَ بِجَرَّتِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اغْتَرَفَ مِنْ الْحَوْضِ الْكَبِيرِ بِجَرَّةٍ وَوَضَعَهَا عَلَى الشَّطِّ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ فَتَدَحْرَجَتْ الْأَخِيرَةُ وَصَدَمَتْ الْأُولَى فَانْكَسَرَتَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْجَرَّةِ الْأَخِيرَةِ قِيمَةَ الْجَرَّةِ الْأُولَى لِصَاحِبِهَا، وَقِيلَ: يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِيمَةَ جَرَّةِ صَاحِبِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الضَّمَانُ عَلَى صَاحِبِ الْجَرَّةِ الْقَائِمَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَضَعَ شَيْئًا عَلَى الطَّرِيقِ فَنَفَرَتْ عَنْهُ دَابَّةٌ فَقَتَلَتْ رَجُلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَاضِعِ إنْ لَمْ يُصِبْهَا ذَلِكَ الشَّيْءُ، وَكَذَا الْحَائِطُ الْمَائِلُ إذَا تَقَدَّمَ إلَى صَاحِبِهِ فَسَقَطَ عَلَى الْأَرْضِ فَنَفَرَتْ عَنْهُ دَابَّةٌ وَقَتَلَتْ إنْسَانًا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْحَائِطِ وَالْوَاضِعُ فِي الطَّرِيقِ إذَا أَصَابَ الْحَائِطُ شَيْئًا فَأَتْلَفَهُ، أَوْ أَصَابَ الْمَوْضُوعُ شَيْئًا فَأَتْلَفَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَصْلِ-: إذَا احْتَفَرَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فِي مَسْجِدِهِمْ بِئْرًا لِمَاءِ الْمَطَرِ، أَوْ عَلَّقُوا فِيهِ قَنَادِيلَ، أَوْ وَضَعُوا فِيهِ جُبًّا يُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ، أَوْ طَرَحُوا فِيهِ حَصِيرًا، أَوْ رَكَّبُوا فِيهِ بَابًا أَوْ طَرَحُوا فِيهِ بِوَارِيَّ، أَوْ ظَلَّلُوهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَنْ عَطِبَ بِذَلِكَ، أَمَّا إذَا أَحْدَثَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ غَيْرُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ بِإِذْنِهِمْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ضَمَانٌ، أَمَّا إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ إنْ أَحْدَثُوا بِنَاءً أَوْ حَفَرُوا بِئْرًا فَعَطِبَ فِيهَا إنْسَانٌ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ بِالْإِجْمَاعِ فَأَمَّا إذَا وَضَعُوا جُبًّا لِيَشْرَبُوا مِنْهُ، أَوْ بَسَطُوا حَصِيرًا، أَوْ بَوَارِيَّ، أَوْ عَلَّقُوا قَنَادِيلَ بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فَتَعَقَّلَ إنْسَانٌ بِالْحَصِيرِ وَعَطِبَ، أَوْ وَقَعَ الْقِنْدِيلُ وَاحْتَرَقَ ثَوْبُ إنْسَانٍ، أَوْ أَفْسَدَهُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بِأَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَضْمَنُونَ قَالَ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا أَخَذُوا بِقَوْلِهِمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ جَلَسَ فِي الْمَسْجِدِ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَعَطِبَ بِهِ رَجُلٌ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَضْمَنُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ بِكُلِّ حَالٍ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَذَكَرَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْأَظْهَرَ مَا قَالَاهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَإِذَا قَعَدَ لِلْعِبَادَةِ بِأَنْ كَانَ يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ، أَوْ قَعَدَ لِلتَّدْرِيسِ، أَوْ لِتَعْلِيمِ الْفِقْهِ، أَوْ لِلِاعْتِكَافِ، أَوْ قَعَدَ لِذِكْرِ اللَّهِ- تَعَالَى- أَوْ تَسْبِيحِهِ، أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَعَثَرَ بِهِ إنْسَانٌ فَمَاتَ هَلْ يَضْمَنُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- لَا رِوَايَةَ لِهَذَا فِي الْكِتَابِ وَالْمَشَايِخُ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يَضْمَنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَضْمَنُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الْجَالِسَ لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي عَمَلٍ لَا يَكُونُ لَهُ اخْتِصَاصٌ بِالْمَسْجِدِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَدَرْسِ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ، وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي كَشْفِ الْغَوَامِضِ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ يَقُولُ: إنْ جَلَسَ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، أَوْ مُعْتَكِفًا لَا يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ، وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ إنْ جَلَسَ لِلْحَدِيثِ يَضْمَنُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ إذَا مَشَى فِي الْمَسْجِدِ فَأَوْطَأَ إنْسَانًا، أَوْ نَامَ فِيهِ وَانْقَلَبَ عَلَى إنْسَانٍ فَهُوَ ضَامِنٌ كَذَا فِي شَرْحِ الْمَبْسُوطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي رَجُلٍ يَجْعَلُ قَنْطَرَةً عَلَى نَهْرٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَمَرَّ عَلَيْهَا رَجُلٌ مُتَعَمِّدًا فَيَقَعُ فَيَعْطَبُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ هَكَذَا ذِكْرُ الْمَسْأَلَةِ هَاهُنَا (وَاعْلَمْ) أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ كَانَ النَّهْرُ مَمْلُوكًا لَهُ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ، فَإِنْ كَانَ نَهْرًا خَاصًّا لِأَقْوَامٍ مَخْصُوصِينَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ تَعَمَّدَ الْمُرُورَ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الْمُرُورَ عَلَيْهَا فَهُوَ ضَامِنٌ، وَعَلَى قِيَاسِ مَسْأَلَةِ الرَّشِّ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجِدْ طَرِيقًا آخَرَ لِيَمُرَّ فِيهِ، أَوْ مَوْضِعًا بِغَيْرِ النَّهْرِ يَضْمَنُ، وَإِنْ تَعَمَّدَ الْمَشْيَ عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَ نَهْرًا عَامًّا لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا لَوْ نَصَبَ جِسْرًا، أَوْ قَنْطَرَةً عَلَى نَهْرٍ خَاصٍّ لِأَقْوَامٍ مَخْصُوصِينَ هَكَذَا ذُكِرَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، فَجَاءَ إنْسَانٌ، وَأَلْقَى فِيهَا نَفْسَهُ مُتَعَمِّدًا لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا حَفَرَ الرَّجُلُ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ، وَمَاتَ مِنْ الْوُقُوعِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَا يُحْرَمُ عَنْ الْمِيرَاثِ عِنْدَنَا، وَإِنْ حَفَرَ فِي فِنَاءِ دَارٍ إنْ كَانَ الْفِنَاءُ لِغَيْرِهِ يَكُونُ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ الْفِنَاءُ مَمْلُوكَهُ أَوْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَفْرِ الْقَدِيمِ لَا يَضْمَنُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لَهُ لَكِنْ كَانَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مُشْتَرَكًا بِأَنْ كَانَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَتَرَدَّى فِيهَا وَمَاتَ جُوعًا، أَوْ عَطَشًا، أَوْ غَمًّا لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَافِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الْمَفَازَةِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ بِمَمَرٍّ وَلَا طَرِيقٍ لِإِنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ لَا يَضْمَنُ الْحَافِرُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَعَدَ إنْسَانٌ فِي الْمَفَازَةِ، أَوْ نَصَبَ خَيْمَةً فَعَثَرَ بِهَا رَجُلٌ لَا يَضْمَنُ الْقَاعِدُ وَالنَّاصِبُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّرِيقِ ضَمِنَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ حَفَرَ رَجُلٌ بِئْرًا فِي طَرِيقٍ ثُمَّ رَجُلٌ آخَرُ فِي أَسْفَلِهَا فَوَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ ضَمِنَ الْحَافِرُ الْأَوَّلُ قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: وَهَذَا قِيَاسٌ، وَبِهِ نَأْخُذُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ جَاءَ آخَرُ وَوَسَّعَ رَأْسَهَا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ وَأُطْلِقَ الْجَوَابُ إطْلَاقًا وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ كَانَ يُفَصِّلُ الْجَوَابَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلًا فَيَقُولُ: إنْ وَسَّعَ الثَّانِي تَوْسِيعًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ وَضْعَ الْقَدَمِ مِنْ الْوَاقِعِ لَاقَى الْحَفْرَيْنِ جَمِيعًا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، فَأَمَّا إذَا وَسَّعَ الثَّانِي شَيْئًا يَسِيرًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ وَضْعَ الْقَدَمِ مِنْ الْوَاقِعِ لَا يُلَاقِي مَوْضِعَ حَفْرِ الثَّانِي، وَإِنَّمَا يُلَاقِي حَفْرَ الْأَوَّلِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، وَإِنْ وَسَّعَ الثَّانِي تَوْسِيعًا بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ وَضْعَ الْقَدَمِ مِنْ الْوَاقِعِ لَمْ يُلَاقِ الْأَوَّلَ وَإِنَّمَا لَاقَى حَفْرَ الثَّانِي فَالضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ كَانَ التَّوْسِيعُ بِحَيْثُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَضْعُ الْقَدَمِ مُلَاقِيًا لِلْحَفْرَيْنِ وَيَجُوزُ أَنْ لَا يَكُونَ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ الزَّاهِدِ أَحْمَدَ الطَّوَاوِيسِيَّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إنْ وَسَّعَهَا بِحَيْثُ لَا يَسَعُ فِي مَوْضِعِ تَوْسِيعِهِ الْقَدَمَ فَجَاءَ رَجُلٌ، وَوَضَعَ قَدَمَهُ فِي وَسَطِ الْبِئْرِ وَسَقَطَ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ وَضَعَ قَدَمَهُ فِي جَانِبِ الْبِئْرِ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ، وَإِنْ وَسَّعَهُ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ فِيهِ الْقَدَمَ، فَإِنْ وَضَعَ هَذَا الرَّجُلُ قَدَمَهُ فِي وَسَطِ الْبِئْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ وَضَعَ قَدَمَهُ فِي جَانِبِ الْبِئْرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي خَاصَّةً، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَانِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ كَبَسَهَا، إنْ كَبَسَهَا بِالتُّرَابِ أَوْ بِالْجِصِّ، أَوْ بِمَا هُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ وَفَرَّغَهَا ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَمَاتَ ضَمِنَ الثَّانِي، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ كَبَسَ الْبِئْرَ بِالطَّعَامِ، أَوْ بِمَا لَيْسَ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ يَضْمَنُ الْأَوَّلُ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، وَغَطَّى رَأْسَهَا ثُمَّ جَاءَ آخَرُ، وَرَفَعَ الْغِطَاءَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ ضَمِنَ الْأَوَّلُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ تَعَقَّلَ رَجُلٌ بِحَجَرٍ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ ضَمِنَ وَاضِعُ الْحَجَرِ دُونَ الْحَافِرِ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَضَعْهُ أَحَدٌ ضَمِنَ الْحَافِرُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ وَضَعَ رَجُلٌ فِي الْبِئْرِ حَجَرًا، أَوْ حَدِيدًا فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَقَتَلَهُ الْحَجَرُ، أَوْ الْحَدِيدُ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَزَلِقَ بِمَاءٍ صَبَّهُ رَجُلٌ آخَرُ عَلَى الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ فَمَاتَ فَالضَّمَانُ عَلَى الَّذِي صَبَّ الْمَاءَ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ مَاءَ السَّمَاءِ ضَمِنَ صَاحِبُ الْبِئْرِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا دَفَعَ رَجُلٌ رَجُلًا فِي بِئْرٍ فِي مِلْكِهِ، أَوْ فِي الطَّرِيقِ فَالضَّمَانُ عَلَى الدَّافِعِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا سَقَطَ الرَّجُلُ فِي بِئْرٍ فِي الطَّرِيقِ، فَمَاتَ فَقَالَ الْحَافِرُ: إنَّ الْوَاقِعَ أَلْقَى نَفْسَهُ فِيهَا عَمْدًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيَّ وَقَالَ وَرَثَةُ الْوَاقِعِ: لَمْ يُلْقِ نَفْسَهُ فِي الْبِئْرِ وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَعَلَيْكَ الضَّمَانُ كَانَ أَبُو يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- يَقُولُ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ وَرَثَةِ الْوَاقِعِ، وَيَكُونُ الْحَافِرُ ضَامِنًا، وَهُوَ الْقِيَاسُ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْحَافِرِ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا حَفَرَ بِئْرًا فِي قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَسَلِمَ مِنْ الْوَقْعَةِ وَطَلَبَ الْخُرُوجَ مِنْهَا فَتَعَلَّقَ حَتَّى إذَا كَانَ فِي وَسَطِهَا سَقَطَ وَعَطِبَ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ مَشَى فِي أَسْفَلِهَا فَعَطِبَ بِصَخْرَةٍ فِيهَا، فَإِنْ كَانَتْ الصَّخْرَةُ فِي مَوْضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْبِئْرِ أَقْلَعَهَا مِنْ مَوْضِعِهَا وَوَضَعَهَا فِي نَاحِيَةِ الْبِئْرِ فَعَلَى صَاحِبِ الْبِئْرِ الضَّمَانُ هَكَذَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ وَقَعَ إنْسَانٌ فِي بِئْرٍ فِي الطَّرِيقِ فَأَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي حَفَرَ الْبِئْرَ كَانَ مُصَدَّقًا عَلَى نَفْسِهِ دُونَ عَوَاقِلِهِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَقَالَ صَاحِبُ الْأَرْضِ: أَنَا أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ، وَأَنْكَرَ أَوْلِيَاءُ الْوَاقِعِ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُصَدَّقَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُصَدَّقُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَمَنْ حَفَرَ، أَوْ أَوْقَفَ، أَوْ بَنَى فِي الطَّرِيقِ، أَوْ فِي سُوقِ الْعَامَّةِ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ لَمْ يَضْمَنْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ احْتَفَرَ بِئْرًا فِي مِلْكِهِ ثُمَّ سَقَطَ فِيهَا، وَفِيهَا إنْسَانٌ أَوْ دَابَّةٌ فَقَتَلَ السَّاقِطُ ذَلِكَ الْإِنْسَانَ، أَوْ الدَّابَّةَ كَانَ السَّاقِطُ ضَامِنًا دِيَةَ مَنْ كَانَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْبِئْرُ فِي الطَّرِيقِ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ فِيمَا أَصَابَ السَّاقِطَ وَالْمَسْقُوطَ عَلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالَ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: لَوْ حَفَرَ حَفِيرَةً لِلْغَلَّةِ فِي دَارِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَوَقَعَ فِيهَا حِمَارٌ فَمَاتَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْحَافِرِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا فَشَجَّهُ رَجُلَانِ فَمَرِضَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وَقَعَ ثَلَاثَةٌ فِي بِئْرٍ، وَتَعَلَّقَ كُلُّ وَاحِدٍ بِآخَرَ فَإِنْ مَاتُوا مِنْ وُقُوعِهِمْ، وَلَمْ يَقَعْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَدِيَةُ الْأَوَّلِ عَلَى الْحَافِرِ، وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ، وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ مَاتُوا مِنْ وُقُوعِهِمْ وَوَقَعَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ بِأَنْ أُخْرِجُوا أَحْيَاءً، وَأَخْبَرُوا عَنْ حَالِهِمْ ثُمَّ مَاتُوا فَمَوْتُ الْأَوَّلِ لَا يَخْلُو عَنْ سَبْعَةِ أَوْجُهٍ: إنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِهِ لَا غَيْرُ فَدِيَتُهُ عَلَى الْحَافِرِ، وَإِنْ مَاتَ بِوُقُوعِ الثَّانِي عَلَيْهِ، فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ فَدِيَتُهُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَيْهِ فَنِصْفُ دَمِهِ هَدَرٌ، وَنِصْفُهُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِهِ وَوُقُوعِ الثَّانِي عَلَيْهِ هُدِرَ نِصْفُ دَمِهِ، وَنِصْفُهُ عَلَى الْحَافِرِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِهِ وَوُقُوعِ الثَّالِثِ فَالنِّصْفُ عَلَى الْحَافِرِ، وَالنِّصْفُ عَلَى الثَّانِي، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِهِ وَوُقُوعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ عَلَيْهِ فَالثُّلُثُ مِنْهُ هَدَرٌ وَثُلُثُهُ عَلَى الْحَافِرِ وَثُلُثُهُ عَلَى الثَّانِي وَأَمَّا مَوْتُ الثَّانِي فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إنْ مَاتَ بِوُقُوعِهِ فَدِيَتُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُقُوعِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ، وَإِنْ مَاتَ بِوُقُوعِهِ وَوُقُوعِ الثَّالِثِ عَلَيْهِ فَنِصْفُ دَمِهِ هَدَرٌ وَنِصْفُهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَأَمَّا مَوْتُ الثَّالِثِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَجْهٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ وُقُوعُهُ فِي الْبِئْرِ فَدِيَتُهُ عَلَى الثَّانِي، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْرَفْ حَالُ مَوْتِهِمْ فَالْقِيَاسُ: أَنَّ دِيَةَ الْأَوَّلِ عَلَى الْحَافِرِ وَدِيَةَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَدِيَةَ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي عَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَفِي الِاسْتِحْسَانِ ثُلُثُ دِيَةِ الْأَوَّلِ هَدَرٌ، وَالثُّلُثُ عَلَى الْحَافِرِ، وَالثُّلُثُ عَلَى الثَّانِي، وَدِيَةُ الثَّانِي نِصْفُهَا هَدَرٌ، وَنِصْفُهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَى الثَّانِي، وَلَمْ يُبَيِّنْ مُحَمَّدٌ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ قَوْلُ مَنْ، وَقَالَ مَشَايِخُنَا: هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَجِيرًا لِيَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا فَحَفَرَ الْأَجِيرُ، وَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَمَاتَ، فَإِنْ حَفَرَ فِي طَرِيقٍ مَعْرُوفٍ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ عَرَفَهُ كُلُّ وَاحِدٍ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ أَعْلَمْهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يُعْلِمْهُ، وَكَذَلِكَ إذَا حَفَرَ فِي طَرِيقٍ غَيْرِ مَشْهُورٍ وَأَعْلَمَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَجِيرَ بِأَنَّ هَذَا الطَّرِيقَ لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يُعْلِمْهُ بِذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْآمِرِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا لِيَذْبَحَ شَاةً فَذَبَحَهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الشَّاةَ لِغَيْرِ الْآمِرِ فَإِنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ أَعْلَمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّ الشَّاةَ لِلْغَيْرِ أَوْ لَمْ يُعْلِمْهُ ثُمَّ يَرْجِعُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِفَسَادِ الْآمِرِ، وَإِنْ حَفَرَ فِي الْفِنَاءِ فَإِنْ كَانَ الْفِنَاءُ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَدْ عَلِمَ الْأَجِيرُ بِذَلِكَ أَوْ أَعْلَمَهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْأَجِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَجِيرُ أَنَّ الْفِنَاءَ لِغَيْرِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَلَمْ يُعْلِمْهُ الْمُسْتَأْجِرُ بِذَلِكَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ كَانَ الْفِنَاءُ لِلْمُسْتَأْجِرِ إنْ قَالَ لِلْأَجِيرِ: لِي حَقُّ الْحَفْرِ فِي الْقَدِيمِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ لِي حَقُّ الْحَفْرِ فِي الْقَدِيمِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِنَاءُ دَارِي فَفِي الِاسْتِحْسَانِ الضَّمَانُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَرْبَعَةَ رَهْطٍ يَحْفِرُونَ لَهُ بِئْرًا، وَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ حَفْرِهِمْ فَقَتَلَتْ وَاحِدًا مِنْهُمْ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ رُبُعُ دِيَتِهِ وَسَقَطَ الرُّبُعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانُوا أَعْوَانًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي يَحْفِرُ وَاحِدًا فَانْهَارَتْ عَلَيْهِ مِنْ حَفْرِهِ فَدَمُهُ هَدَرٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَمَرَ عَبْدَهُ أَنْ يَحْفِرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، فَإِنْ كَانَ فِي فِنَائِهِ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ فِنَائِهِ فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ عَلِمَ الْعَبْدُ بِذَلِكَ أَمْ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْرِيدِ.
لَوْ احْتَفَرَ الرَّجُلُ نَهْرًا فِي مِلْكِهِ فَعَطِبَ بِهِ إنْسَانٌ، أَوْ دَابَّةٌ لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ حَفَرَ نَهْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْبِئْرِ يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
إذَا حَفَرَ الرَّجُلُ نَهْرًا فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَانْشَقَّ مِنْ ذَلِكَ النَّهْرِ مَاءٌ فَغَرِقَتْ أَرْضٌ أَوْ قَرْيَةٌ كَانَ ضَامِنًا، وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ فَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ سَقَى أَرْضَهُ فَخَرَجَ الْمَاءُ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا وَأَفْسَدَ مَتَاعًا، أَوْ زَرْعًا، أَوْ كَرْمًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَقَ حَشِيشًا فِي أَرْضِهِ، أَوْ حَصَائِدِهِ، أَوْ أَجَمَتِهِ فَخَرَجَتْ النَّارُ إلَى أَرْضِ غَيْرِهِ، وَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لَا يَكُونُ ضَامِنًا قِيلَ: هَذَا إذَا كَانَتْ الرِّيحُ سَاكِنَةً حِينَ أَوْقَدَ النَّارَ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الْيَوْمُ رِيحًا يَعْلَمُ أَنَّ الرِّيحَ تَذْهَبُ بِالنَّارِ إلَى أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا اسْتِحْسَانًا كَمَنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي مِيزَابٍ وَتَحْتَ الْمِيزَابِ مَتَاعٌ لِإِنْسَانٍ فَفَسَدَ بِهِ كَانَ ضَامِنًا وَلَوْ أَوْقَدَ النَّارَ فِي دَارِهِ، أَوْ تَنُّورِهِ لَا يَضْمَنُ مَا احْتَرَقَ بِهِ، وَكَذَا لَوْ حَفَرَ نَهْرًا، أَوْ بِئْرًا فِي دَارِهِ فَنَزَّتْ مِنْ ذَلِكَ أَرْضُ جَارِهِ لَا يَضْمَنُ، وَلَا يُؤْمَرُ فِي الْحُكْمِ أَنْ يُحَوِّلَ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعِهِ، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى- عَلَيْهِ أَنْ يَكُفَّ عَنْ ذَلِكَ إذَا كَانَ يَتَضَرَّرُ بِهِ غَيْرُهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
قَالُوا: هَذَا إذَا انْشَقَّ مِنْ الْمَاءِ بِحَيْثُ يَحْتَمِلُهُ مِلْكُهُ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ فَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَيْثُ لَا يَحْتَمِلُهُ مِلْكُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ صَبَّ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ وَخَرَجَ مِنْ صَبِّهِ ذَلِكَ إلَى مِلْكِ غَيْرِهِ فَأَفْسَدَ شَيْئًا فِي الْقِيَاسِ لَا يَكُونُ ضَامِنًا، وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ: إذَا صَبَّ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ سَقَى أَرْضَ نَفْسِهِ فَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ إنْ أَجْرَى الْمَاءَ فِي أَرْضِهِ إجْرَاءً لَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِرُّ فِي أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ اسْتَقَرَّ فِي أَرْضِهِ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ جَارُهُ بِالسَّكْرِ وَالْإِحْكَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ إلَيْهِ حَتَّى تَعَدَّى لَمْ يَضْمَنْ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضُهُ صُعُودًا، وَأَرْضُ جَارِهِ هُبُوطًا يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا سَقَى أَرْضَهُ يَتَعَدَّى إلَى أَرْضِ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَيُؤْمَرُ بِوَضْعِ الْمُسَنَّاةِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضِهِ ثَقْبٌ أَوْ جُحْرُ فَأْرَةٍ إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يَسُدَّهُ حَتَّى فَسَدَتْ أَرْضُ جَارِهِ كَانَ ضَامِنًا، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
رَجُلٌ سَقَى أَرْضَهُ مِنْ نَهْرِ الْعَامَّةِ، وَكَانَ عَلَى نَهْرِ الْعَامَّةِ أَنْهَارٌ صِغَارٌ مَفْتُوحَةٌ فُوَّهَاتُهَا فَدَخَلَ الْمَاءُ فِي الْأَنْهَارِ الصِّغَارِ، وَفَسَدَ بِذَلِكَ أَرْضُ قَوْمٍ يَكُونُ ضَامِنًا كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
مَمْلُوكٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ فَمَاتَ فِيهَا إنْسَانٌ فَفَدَاهُ الْمَوْلَى بِالدِّيَةِ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: يَدْفَعُ كُلَّ الْمَمْلُوكِ، أَوْ يَفْدِيهِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، فَوَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَقَالَ الْمَوْلَى: أَنَا كُنْتُ أَمَرْتُهُ بِذَلِكَ لَمْ تَضْمَنْ عَاقِلَتُهُ، وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، فَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَبْدٌ حَفَرَ بِئْرًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ، فَجَاءَ إنْسَانٌ، وَوَقَعَ فِيهَا فَعَفَا عَنْهُ الْوَلِيُّ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ فَعَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَدْفَعَهُ كُلَّهُ، أَوْ يَفْدِيَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-: يَدْفَعُ إلَيْهِ نِصْفَهُ كَأَنَّهُمَا وَقَعَا مَعًا فَعَفَا عَنْهُ وَلِيُّ أَحَدِ الْوَاقِعَيْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ عَلِمَ بِالْحَفْرِ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَةُ الْعَبْدِ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ اشْتَرَكَا فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا الْعَبْدُ فَمَاتَ فَوَارِثُهُ شَرِيكُهُمْ فِي تِلْكَ الْقِيمَةِ أَيْضًا وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَنَّ دَمَهُ هَدَرٌ وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ وَقَعَ الْعَبْدُ فِيهَا فَمَاتَ، فَدَمُهُ هَدَرٌ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ لِوَرَثَتِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى أَوَّلًا ثُمَّ حَفَرَ الْعَبْدُ الْبِئْرَ، وَوَقَعَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْلَى بِلَا خِلَافٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى بَعْدَ مَا وَقَعَ فِيهَا رَجُلٌ فَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى لَا يَعْلَمُ بِوُقُوعِ الرَّجُلِ فِيهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ، وَإِنْ كَانَ عَلِمَ بِمَوْتِ الرَّجُلِ فِيهَا فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ، فَإِنْ وَقَعَ آخَرُ فِيهَا فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقَاسِمُ صَاحِبَ الدِّيَةِ فَيُضْرَبُ الْآخَرُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَالْأَوَّلُ بِالدِّيَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-: عَلَى الْمَوْلَى نِصْفُ قِيمَةٍ أُخْرَى لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ الْآخَرِ، وَلَا يَشْتَرِكُ الْأَوَّلُ فِي الدِّيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ حَفَرَ الْعَبْدُ بِئْرًا فِي طَرِيقٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى ثُمَّ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً فَدَفَعَهُ مَوْلَاهُ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ فَمَاتَ فَإِنَّ وَلِيَّ الْقَتِيلِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ نِصْفَهُ، وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ عَفَا وَلِيُّ السَّاقِطِ فِي الْبِئْرِ لَمْ يَرْجِعْ إلَى الْمَوْلَى بِشَيْءٍ مِنْ الْعَبْدِ، وَلَا خُصُومَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ وَلِيِّ السَّاقِطِ وَبَيْنَ مَوْلَى الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا يُخَاصَمُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْعَبْدُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ أَوَّلًا إنْسَانٌ فَمَاتَ فَدَفَعَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً فَدَفَعَهُ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ آخَرُ فَإِنَّ وَلِيَّ الْقَتِيلِ يَدْفَعُ ثُلُثَهُ إلَى الْوَاقِعِ فِي الْبِئْرِ آخِرًا، أَوْ يَفْدِيهِ بِالدِّيَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا حَفَرَ الْعَبْدُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، فَإِنْ كَانَ فِي دِيَانَةٍ فَالضَّمَانُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ دِيَانَةٍ فَالضَّمَانُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ عَلِمَ بِذَلِكَ أَمْ لَا كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ رَجُلٌ فَمَاتَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَالْعَبْدُ قَائِمٌ دَفَعَهُ الْمَوْلَى إلَيْهِمَا، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى مِقْدَارِ حَقِّهِمَا، وَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا عَشَرَةُ آلَافٍ لِصَاحِبِ النَّفْسِ، وَخَمْسَةُ آلَافٍ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِهِمَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بِالْقَتْلِ، وَلَا يَعْلَمُ بِالْعَيْنِ فَعَلَيْهِ عَشَرَةُ آلَافٍ لِوَلِيِّ الْقَتِيلِ، وَعَلَيْهِ ثُلُثُ الْقِيمَةِ لِصَاحِبِ الْعَيْنِ، وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهَا أَحَدٌ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْبَائِعِ قِيمَتُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْقَعَ فِيهَا الْعَبْدُ نَفْسَهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَلَى الْبَائِعِ قِيمَتُهُ لِلْمُشْتَرِي، وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- دَمُهُ هَدَرٌ كَمَا بَيَّنَّا فِي الْعِتْقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَنَّ مُدَبَّرًا حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى، أَوْ مَاتَ الْمَوْلَى حَتَّى عَتَقَ الْمُدَبَّرُ بِمَوْتِهِ ثُمَّ أَوْقَعَ الْمُدَبَّرُ نَفْسَهُ فِي تِلْكَ الْبِئْرِ ثُمَّ مَاتَ فَلِوَرَثَتِهِ قِيمَتُهُ فِي تَرِكَةِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مُدَبَّرٌ حَفَرَ بِئْرًا فَوَقَعَ فِيهَا مَوْلَاهُ، أَوْ مَنْ يَرِثُهُ مَوْلَاهُ هُدِرَ دَمُهُ، وَلَوْ وَقَعَ فِيهَا مُكَاتَبُ الْمَوْلَى غَرِمَ قِيمَتَهُ، وَيُؤْخَذُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ يَوْمَ حَفَرَ، وَمِنْ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ يَوْمَ سَقَطَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَإِذَا حَفَرَ الْمُدَبَّرُ، أَوْ أُمُّ الْوَلَدِ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ فَإِنْ وَقَعَ فِيهَا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فَمَاتُوا، وَقَدْ تَغَيَّرَتْ قِيمَتُهُ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَوْلَى إلَّا قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَوْمَ حَفَرَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا بِالسَّوِيَّةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْمُدَبَّرُ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ، أَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ مَا وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ فَمَاتَ فَعَلَى الْمَوْلَى قِيمَتُهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- مُكَاتَبٌ حَفَرَ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ ثُمَّ قَتَلَ إنْسَانًا فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ إنْسَانٌ، وَمَاتَ قَالَ: يَشْتَرِكُ وَلِيُّ السَّاقِطِ فِي الْبِئْرِ الَّذِي أَخَذَ الْقِيمَةَ فِيهَا قَالَ: وَكَذَلِكَ الْمُدَبَّرُ قَالَ: وَإِذَا جَاءَ وَلِيُّ السَّاقِطِ فِي الْبِئْرِ فَأَخَذَ الَّذِي أَخَذَ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ مِنْ مَوْلَاهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي أَخَذَ الْقِيمَةَ خُصُومَةٌ، وَلَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ عَلَى مَوْلَى الْمُدَبَّرِ، فَإِذَا زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمَوْلَى يَرْجِعُ عَلَى الَّذِي أَخَذَ الْقِيمَةَ بِنِصْفِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مُدَبَّرٌ حَفَرَ بِئْرًا فَمَاتَ فِيهَا رَجُلٌ فَدَفَعَ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ، وَهِيَ أَلْفٌ بِقَضَاءٍ ثُمَّ مَاتَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ وَتَرَكَ أَلْفًا، وَعَلَيْهِ أَلْفَانِ، دَيْنٌ لِرَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَلْفٌ فَوَقَعَ فِي الْبِئْرِ آخَرُ فَمَاتَ فَالْأَلْفُ الَّذِي تَرَكَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى يُقَسَّمُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَبَيْنَ وَلِيِّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ لِلْغُرَمَاءِ أَرْبَعَةٌ، وَلَهُ سَهْمٌ فَإِنْ اقْتَسَمُوا ذَلِكَ بِقَضَاءٍ ثُمَّ وَقَعَ فِي الْبِئْرِ آخَرُ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا أَخَذَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ وَيَتَّبِعَانِ الْغُرَمَاءَ فَيَأْخُذَانِ تَمَامَ رُبُعِ الْأَلْفِ مِنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَلْقَ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأَخِيرَةِ صَاحِبَهُ، وَلَقِيَ أَحَدَ الْغَرِيمَيْنِ أَخَذَ مِنْهُ رُبُعَ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ لَقِيَ هَذَا الْغَرِيمُ صَاحِبَهُ جَمَعَ مَا فِي أَيْدِيهِمَا فَاقْتَسَمَاهُ نِصْفَيْنِ، فَإِنْ الْتَقَى صَاحِبَا الْجِنَايَةِ اقْتَسَمَا مَا فِي أَيْدِيهِمَا نِصْفَيْنِ، فَإِنْ الْتَقَوْا جَمِيعًا بَعْدَ ذَلِكَ قُسِّمَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَسْهُمٍ لِصَاحِبَيْ الْجِنَايَةِ الرُّبُعُ وَلِلْغَرِيمَيْنِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ دَفَعَ الْمَوْلَى خَمْسَمِائَةٍ إلَى الْأَوَّلِ بِلَا قَضَاءٍ ثُمَّ وَهَبَ الْوَلِيُّ لِلْمَوْلَى مَا قَبَضَ وَمَا بَقِيَ ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا آخَرُ خُيِّرَ وَلِيُّ الثَّانِي بَيْنَ تَضْمِينِ الْمَوْلَى النِّصْفَ، وَتَضْمِينِهِ الرُّبْعَ، وَالْوَلِيُّ الرُّبْعُ، وَإِنْ دَفَعَ بِقَضَاءٍ يُتْبِعُ الْمَوْلَى بِالرُّبْعِ، وَالْوَلِيُّ بِالرُّبْعِ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَحُرًّا يَحْفِرَانِ لَهُ بِئْرًا فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمَا فَمَاتَا فَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قِيمَةُ الْعَبْدِ لِلْمَوْلَى ثُمَّ تِلْكَ الْقِيمَةُ تَكُونُ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الدِّيَةِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِهَا الْمَوْلَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ مَلَكَ الْعَبْدَ بِالضَّمَانِ، وَقَدْ صَارَ الْحُرُّ جَانِيًا عَلَى نِصْفِهِ، فَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِلْمُسْتَأْجِرِ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ شَيْءٌ، وَكَانَ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ، ثُمَّ يَكُونُ ذَلِكَ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا حُرًّا، وَعَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ، وَمُكَاتَبًا يَحْفِرُونَ لَهُ بِئْرًا فَوَقَعَتْ الْبِئْرُ عَلَيْهِمْ، وَمَاتُوا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فِي الْحُرِّ، وَلَا فِي الْمُكَاتَبِ، وَيَضْمَنُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ، فَإِذَا دَفَعَ الْقِيمَةَ إلَى الْمَوْلَى دَفَعَهَا الْمَوْلَى إلَى وَرَثَةِ الْحُرِّ وَالْمُكَاتَبِ، فَيَضْرِبُ وَرَثَةُ الْحُرِّ فِي قِيمَتِهِ بِثُلُثِ الدِّيَةِ، وَوَرَثَةُ الْمُكَاتَبِ بِثُلُثِ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ ثُمَّ رَجَعَ الْمَوْلَى عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ مَرَّةً أُخْرَى، فَيُسَلِّمُ لَهُ، وَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ بِثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، وَيَأْخُذَ أَوْلِيَاءُ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْحُرِّ ثُلُثَ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ ثُمَّ يُؤْخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الْمُكَاتَبِ مِقْدَارُ قِيمَتِهِ، فَيَكُونَ بَيْنَ وَرَثَةِ الْحُرِّ وَالْمُسْتَأْجِرِ، يَضْرِبُ وَرَثَةُ الْحُرِّ بِثُلُثِ دِيَتِهِ، وَالْمُسْتَأْجِرُ بِثُلُثِ قِيمَةِ الْعَبْدِ كَذَا فِي الْحَاوِي وَهَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ التَّجْرِيدِ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْبَعَةَ رَهْطٍ مُدَبَّرًا، وَمُكَاتَبًا، وَعَبْدًا، وَحُرًّا يَحْفِرُونَ لَهُ بِئْرًا فِي الطَّرِيقِ، فَوَقَعَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ حَفْرِهِمْ، فَمَاتُوا، وَلَمْ يُؤْذَنْ لِلْمُدَبَّرِ، وَلَا لِلْعَبْدِ فِي الْعَمَلِ، فَنَقُولُ: كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَلِفَ بِفِعْلِهِ، وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ، فَيَهْدُرُ رُبْعَ نَفْسِهِ، وَتُعْتَبَرُ جِنَايَةُ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ قِيمَةُ الْعَبْدِ، وَالْمُدَبَّرِ لِمَوْلَاهُ ثُمَّ لِوَرَثَةِ الْحُرِّ رُبْعُ دِيَةِ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ، وَلِمَوْلَى الْمُكَاتَبِ رُبْعُ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ فِي رَقَبَةِ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ، فَيَضْرِبُ فِي هَاتَيْنِ الْقِيمَتَيْنِ وَرَثَةُ الْحُرِّ بِنِصْفِ دِيَةِ الْحُرِّ، وَوَرَثَةُ الْمُكَاتَبِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ، فَيَقْتَسِمَانِ ذَلِكَ عَلَى هَذَا، ثُمَّ يَرْجِعُ مَوْلَاهُمَا بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ رُبْعُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَهُ فِي رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ رُبُعُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَدْ كَانَ لِلْمُكَاتَبِ فِي رَقَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُ قِيمَتِهِ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي أَخْلَفَهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَيَكُونُ بَعْضُهُ قِصَاصًا مِنْ بَعْضٍ، وَيُتَرَادَّانِ الْفَضْلَ، وَرُبْعُ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَلِكَ، وَرَثَةُ الْحُرِّ بِاعْتِبَارِ جِنَايَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى رُبْعِ الْحُرِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ رُبْعِ الدِّيَةِ، فَيَأْخُذُونَ رُبْعَ الدِّيَةِ، وَيَرُدُّونَ الْفَضْلَ عَلَى مَوْلَى الْمُكَاتَبِ.
وَلَكِنَّ هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: قِيمَةُ الْمَمْلُوكِ فِي الْجِنَايَةِ تَبْلُغُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ رُبْعُ قِيمَتِهِ فِي قِيمَةِ الْآخَرِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، فَلَا يُفِيدُ اعْتِبَارُهُ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدَانِ مَأْذُونًا لَهُمَا فِي الْعَمَلِ، فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَرُبْعُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي عُنُقِ صَاحِبِهِ، وَرُبْعُ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ، وَكَذَلِكَ رُبْعُ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ عَلَى عَاقِلَةِ الْحُرِّ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ دِيَةِ الْحُرِّ فِي أَعْنَاقِهِمْ فِي عُنُقِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ رُبْعٌ، فَإِذَا عَلَّقَتْ عَاقِلَةُ الْحُرِّ رُبْعَ قِيمَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَأَخَذَ ذَلِكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُلْنَا يُؤْخَذُ مِنْ مَوْلَى الْمُدَبَّرِ قِيمَةٌ كَامِلَةٌ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ مِثْلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَقَلَّ، فَيُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ، فَيَضْرِبُ فِيهِ وَرَثَةُ الْحُرِّ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَمَوْلَى الْعَبْدِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ، وَمَوْلَى الْمُكَاتَبِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ تَرَكَ وَفَاءً أُخِذَ مِنْ تَرِكَتِهِ تَمَامُ قِيمَتِهِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ يَضْرِبُ فِيهَا وَلِيُّ الْحُرِّ بِرُبْعِ الدِّيَةِ، وَمَوْلَى الْعَبْدِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ، وَمَوْلَى الْمُدَبَّرِ بِرُبْعِ الْقِيمَةِ، ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْ مَوْلَى الْعَبْدِ جَمِيعُ مَا أُخِذَ مِنْ ذَلِكَ، فَيَضْرِبُ مِنْ ذَلِكَ وَرَثَةُ الْحُرِّ بِرُبْعِ دِيَةِ الْحُرِّ، وَمَوْلَى الْمُدَبَّرِ بِرُبْعِ قِيمَةِ الْمُدَبَّرِ، وَمَوْلَى الْمُكَاتَبِ بِرُبْعِ قِيمَةِ الْمُكَاتَبِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.